فصل: النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: فِيمَا وَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن ***


النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ‏:‏ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ

قَدْ أَفْرَدْتُ فِي هَذَا النَّوْعِ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ الْمُهَذَّبَ فِيمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمُعَرَّبِ وَهَا أَنَا أُلَخِّصُ هُنَا فَوَائِدَهُ فَأَقُولُ‏:‏

اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي وُقُوعِ الْمُعَرَّبِ فِي الْقُرْآن‏:‏

فَالْأَكْثَرُونَ- وَمِنْهُمُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ فَارِسٍ- عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فِيهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قُرْآنًا عَرَبِيًّا‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 2‏]‏‏.‏ وَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ‏}‏ ‏[‏فُصِّلَتْ‏:‏ 44‏]‏ وَقَدْ شَدَّدَ الشَّافِعِيُّ النَّكِيرَ عَلَى الْقَائِلِ بِذَلِكَ‏.‏

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ‏:‏ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ فِيهِ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ، فَقَدْ أَعْظَمَ الْقَوْلَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ‏(‏كِذَّابًا‏)‏ ‏[‏النَّبَأ‏:‏ 28- 35‏]‏ بِالنَّبَطِيَّةِ، فَقَدْ أَكْبَرَ الْقَوْلَ‏.‏

وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ‏:‏ لَوْ كَانَ فِيهِ مِنْ لُغَةِ غَيْرِ الْعَرَبِ شَيْءٌ لَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ‏:‏ أَنَّ الْعَرَبَ إِنَّمَا عَجَزَتْ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِلُغَاتٍ لَا يَعْرِفُونَهَا‏.‏

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ‏:‏ مَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَفْسِيرِ أَلْفَاظٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّهَا بِالْفَارِسِيَّةِ أَوِ الْحَبَشِيَّةِ أَوِ النَّبَطِيَّةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، إِنَّمَا اتَّفَقَ فِيهَا تَوَارُدُ اللُّغَاتِ، فَتَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ وَالْفُرْسُ وَالْحَبَشَةُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ بَلْ كَانَ لِلْعَرَبِ الْعَارِبَةِ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَتِهِمْ بَعْضُ مُخَالَطَةٍ لِسَائِرِ الْأَلْسِنَةِ فِي أَسْفَارِهِمْ، فَعَلَّقَتْ مِنْ لُغَاتِهِمْ أَلْفَاظًا غَيَّرَتْ بَعْضَهَا بِالنَّقْصِ مِنْ حُرُوفِهَا، وَاسْتَعْمَلَتْهَا فِي أَشْعَارِهَا وَمُحَاوَرَاتِهَا؛ حَتَّى جَرَتْ مَجْرَى الْعَرَبِيِّ الْفَصِيحِ، وَوَقَعَ بِهَا الْبَيَانُ، وَعَلَى هَذَا الْحَدِّ نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ كُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَرَبِيَّةٌ صِرْفَةٌ، وَلَكِنَّ لُغَةَ الْعَرَبِ مُتَّسِعَةٌ جِدًّا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَخْفَى عَلَى الْأَكَابِرِ الْجِلَّةِ، وَقَدْ خَفِيَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَى فَاطِرِ وَ‏(‏فَاتِحٍ‏)‏‏.‏

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَة‏:‏ لَا يُحِيطُ بِاللُّغَةِ إِلَّا نَبِيٌّ‏.‏

وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي عُزَيْزِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَلِك‏:‏ إِنَّمَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَلِفَاظُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، لِأَنَّهَا أَوْسَعُ اللُّغَاتِ، وَأَكْثَرُهَا أَلْفَاظًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا سُبِقُوا إِلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ‏.‏

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى وُقُوعِهِ فِيهِ، وَأَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قُرْآنًا عَرَبِيًّا‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 2‏]‏ بِأَنَّ الْكَلِمَاتِ الْيَسِيرَةَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عَرَبِيًّا، وَالْقَصِيدَةُ الْفَارِسِيَّةُ لَا تَخْرُجُ عَنْهَا بِلَفْظَةٍ فِيهَا عَرَبِيَّةٍ‏.‏ وَعَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ‏}‏ ‏[‏فُصِّلَتْ‏:‏ 44‏]‏ بِأَنَّ الْمَعْنَى مِنَ السِّيَاق‏:‏ ‏(‏أَكَلَامٌ أَعْجَمِيٌّ وَمُخَاطَبٌ عَرَبِيٌّ‏!‏‏)‏ وَاسْتَدَلُّوا بِاتِّفَاقِ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّ مَنْعَ صَرْفِ نَحْو‏:‏ ‏(‏إِبْرَاهِيمَ‏)‏ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ‏.‏ وَرُدَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ الْأَعْلَامَ لَيْسَتْ مَحَلَّ خِلَافٍ، فَالْكَلَامُ فِي غَيْرِهَا مُوَجَّهٌ‏:‏ بِأَنَّهُ إِذَا اتُّفِقَ عَلَى وُقُوعِ الْأَعْلَامِ فَلَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِ الْأَجْنَاسِ‏.‏

وَأَقْوَى مَا رَأَيْتُهُ لِلْوُقُوعِ- وَهُوَ اخْتِيَارِي- مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ قَالَ‏:‏ فِي الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ لِسَانٍ‏.‏

وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ‏.‏

فَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ حِكْمَةَ وُقُوعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ حَوَى عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَنَبَأَ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ فِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنْوَاعِ اللُّغَاتِ وَالْأَلْسُنِ لِيَتِمَّ إِحَاطَتُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، فَاخْتِيرَ لَهُ مِنْ كُلِّ لُغَةٍ أَعْذَبُهَا وَأَخَفُّهَا وَأَكْثَرُهَا اسْتِعْمَالًا لِلْعَرَبِ‏.‏ ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ النَّقِيبِ صَرَّحَ بِذَلِكَ، فَقَالَ‏:‏ مِنْ خَصَائِصِ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِلُغَةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهَا شَيْءٌ بِلُغَةِ غَيْرِهِمْ، وَالْقُرْآنُ احْتَوَى عَلَى جَمِيعِ لُغَاتِ الْعَرَبِ، وَأُنْزِلَ فِيهِ بِلُغَاتِ غَيْرِهِمْ مِنَ الرُّومِ وَالْفُرْسِ وَالْحَبَشَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَأَيْضًا‏:‏ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ إِلَى كُلِّ أُمَّةٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ‏}‏ ‏[‏إِبْرَاهِيمَ‏:‏ 4‏]‏، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْكِتَابِ الْمَبْعُوثِ بِهِ مِنْ لِسَانِ كُلِّ قَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ بِلُغَةِ قَوْمِهِ هُوَ‏.‏

وَقَدْ رَأَيْتُ الْخُوَيِّيَّ ذَكَرَ لِوُقُوعِ الْمُعَرَّبِ فِي الْقُرْآنِ فَائِدَةً أُخْرَى فَقَالَ‏:‏ إِنْ قِيلَ إِنَّ وَإِسْتَبْرَقٍ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَغَيْرُ الْعَرَبِيِّ مِنَ الْأَلْفَاظِ دُونَ الْعَرَبِيِّ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ‏؟‏

فَنَقُولُ‏:‏ لَوِ اجْتَمَعَ فُصَحَاءُ الْعَالَمِ وَأَرَادُوا أَنْ يَتْرُكُوا هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَيَأْتُوا بِلَفْظٍ يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الْفَصَاحَةِ لَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَثَّ عِبَادَهُ عَلَى الطَّاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يُرَغِّبْهُمْ بِالْوَعْدِ الْجَمِيلِ وَيُخَوِّفْهُمْ بِالْعَذَابِ الْوَبِيلِ لَا يَكُونُ حَثُّهُ عَلَى وَجْهِ الْحِكْمَةِ، فَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ نَظَرًا إِلَى الْفَصَاحَةِ وَاجِبٌ‏.‏

ثُمَّ إِنَّ الْوَعْدَ بِمَا يَرْغَبُ فِيهِ الْعُقَلَاءُ، وَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِي أُمُورٍ‏:‏ الْأَمَاكِنِ الطَّيِّبَةِ، ثُمَّ الْمَآكِلِ الشَّهِيَّةِ، ثُمَّ الْمَشَارِبِ الْهَنِيَّةِ، ثُمَّ الْمَلَابِسِ الرَّفِيعَةِ، ثُمَّ الْمَنَاكِحِ اللَّذِيذَةِ، ثُمَّ مَا بَعْدَهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الطِّبَاعُ، فَإِذَنْ ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الطَّيِّبَةِ وَالْوَعْدِ بِهِ لَازِمٌ عِنْدَ الْفَصِيحِ، وَلَوْ تَرَكَهُ لَقَالَ مَنْ أُمِرَ بِالْعِبَادَةِ وَوُعِدَ عَلَيْهَا بِالْأَكْلِ وَالشُّرْب‏:‏ إِنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ لَا أَلْتَذُّ بِهِ إِذَا كُنْتُ فِي حَبْسٍ أَوْ مَوْضِعٍ كَرِيهٍ، فَإِذَنْ ذَكَرَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِيهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ مِنَ الْمَلَابِسِ مَا هُوَ أَرْفَعُهَا، وَأَرْفَعُ الْمَلَابِسِ فِي الدُّنْيَا الْحَرِيرُ وَأَمَّا الذَّهَبُ فَلَيْسَ مِمَّا يُنْسَجُ مِنْهُ ثَوْبٌ‏.‏

ثُمَّ إِنَّ الثَّوْبَ الَّذِي مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ وَالثِّقَلُ، وَرُبَّمَا يَكُونُ الصَّفِيقُ الْخَفِيفُ أَرْفَعَ مِنَ الثَّقِيلِ الْوَزْنِ، وَأَمَّا الْحَرِيرُ‏:‏ فَكُلَّمَا كَانَ ثَوْبُهُ أَثْقَلَ كَانَ أَرْفَعَ؛ فَحِينَئِذٍ وَجَبَ عَلَى الْفَصِيحِ أَنْ يَذْكُرَ الْأَثْقَلَ الْأَثْخَنَ، وَلَا يَتْرُكَهُ فِي الْوَعْدِ لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي الْحَثِّ وَالدُّعَاءِ‏.‏

ثُمَّ هَذَا الْوَاجِبُ الذِّكْر‏:‏

إِمَّا أَنْ يُذْكَرَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مَوْضُوعٍ لَهُ صَرِيحٍ، أَوْ لَا يُذْكَرَ بِمِثْلِ هَذَا؛ وَلَا شَكَّ أَنَّ الذِّكْرَ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ الصَّرِيحِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَوْجَزُ وَأَظْهَرُ فِي الْإِفَادَةِ؛ وَذَلِكَ إِسْتَبْرَقٍ فَإِنْ أَرَادَ الْفَصِيحُ أَنْ يَتْرُكَ هَذَا اللَّفْظَ وَيَأْتِيَ بِلَفْظٍ آخَرَ لَمْ يُمْكِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ إِمَّا لَفْظٌ وَاحِدٌ أَوْ أَلْفَاظٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَلَا يَجِدُ الْعَرَبِيُّ لَفْظًا وَاحِدًا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ مِنَ الْحَرِيرِ عَرَفَهَا الْعَرَبُ مِنَ الْفُرْسِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِهَا عَهْدٌ، وَلَا وُضِعَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِلدِّيبَاجِ الثَّخِينِ اسْمٌ، وَإِنَّمَا عَرَّبُوا مَا سَمِعُوا مِنَ الْعَجَمِ وَاسْتَغْنَوْا بِهِ عَنِ الْوَضْعِ، لِقِلَّةِ وَجُودِهِ عِنْدَهُمْ وَنُدْرَةِ تَلَفُّظِهِمْ بِهِ‏.‏

وَأَمَّا إِنْ ذَكَرَهُ بِلَفْظَيْنِ فَأَكْثَرَ‏:‏ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَخَلَّ بِالْبَلَاغَةِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ لَفْظَيْنِ لِمَعْنًى يُمْكِنُ ذِكْرُهُ بِلَفْظٍ تَطْوِيلٌ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ لَفْظَ إِسْتَبْرَقٍ يَجِبُ عَلَى كُلِّ فَصِيحٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَجِدُ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَأَيُّ فَصَاحَةٍ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ مِثْلَهُ‏!‏‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، بَعْدَ أَنْ حَكَى الْقَوْلَ بِالْوُقُوعِ عَنِ الْفُقَهَاءِ وَالْمَنْعِ عَنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّة‏:‏ وَالصَّوَابُ عِنْدِي مَذْهَبٌ فِيهِ تَصْدِيقُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْرُفَ أُصُولُهَا أَعْجَمِيَّةٌ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ، لَكِنَّهَا وَقَعَتْ لِلْعَرَبِ فَعَرَّبَتْهَا بِأَلْسِنَتِهَا وَحَوَّلَتْهَا عَنْ أَلْفَاظِ الْعَجَمِ إِلَى أَلْفَاظِهَا، فَصَارَتْ عَرَبِيَّةً، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَقَدِ اخْتَلَطَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، فَمَنْ قَالَ‏:‏ إِنَّهَا عَرَبِيَّةٌ، فَهُوَ صَادِقٌ، وَمَنْ قَالَ‏:‏ أَعْجَمِيَّةٌ فَصَادِقٌ‏.‏

وَمَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْجَوَالِيقِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَآخَرُونَ‏.‏

وَهَذَا سَرْدُ الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ، مُرَتَّبَةً عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَم‏:‏

وَأَبَارِيقَ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 18‏]‏ حَكَى الثَّعَالِبِيُّ فِي فِقْهِ اللُّغَة‏:‏ أَنَّهَا فَارِسِيَّةٌ، وَقَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ الْإِبْرِيقُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَمَعْنَاهُ طَرِيقُ الْمَاءِ، أَوْ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى هِينَةٍ‏.‏

‏(‏أَبٌّ‏)‏‏:‏ قَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ الْحَشِيشُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْغَرْبِ، حَكَاهُ شَيْذَلَةُ‏.‏

ابْلَعِي أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ابْلَعِي مَاءَكِ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 44‏]‏ قَالَ‏:‏ بِالْحَبَشِيَّةِ ‏(‏ازْدَرِدِيهِ‏)‏‏.‏

وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ اشْرَبِي، بِلُغَةِ الْهِنْدِ‏.‏

‏(‏أَخْلَدَ‏)‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 176‏]‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ فِي الْإِرْشَاد‏:‏ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ، رَكَنَ بِالْعِبْرِيَّةِ‏.‏

‏(‏الْأَرَائِكِ‏)‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 31‏]‏‏.‏ حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي فُنُونِ الْأَفْنَانِ أَنَّهَا السُّرُرُ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏

‏(‏آزَرَ‏)‏‏:‏ عُدَّ فِي الْمُعَرَّبِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ‏:‏ إِنَّهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ لِأَبِي إِبْرَاهِيمَ وَلَا لِلصَّنَمِ‏.‏ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ‏:‏ ذُكِرَ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبِي يَقْرَأُ‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 74‏]‏ يَعْنِي بِالرَّفْعِ، قَالَ بَلَغَنِي أَنَّهَا أَعْوَجُ وَأَنَّهَا أَشَدُّ كَلِمَةٍ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ‏.‏ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هِيَ بِلُغَتِهِمْ‏:‏ يَا مُخْطِئُ‏.‏

‏(‏أَسْبَاطٌ‏)‏‏:‏ حَكَى أَبُو اللَّيْثِ فِي تَفْسِيرِه‏:‏ أَنَّهَا بِلُغَتِهِمْ كَالْقَبَائِلِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ‏.‏

‏(‏إِسْتَبْرَقٍ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاك‏:‏ أَنَّهُ الدِّيبَاجُ الْغَلِيظُ، بِلُغَةِ الْعَجَمِ‏.‏

‏(‏أَسْفَارًا‏)‏‏:‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ فِي الْإِرْشَادِ‏:‏ هِيَ الْكُتُبُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ‏:‏ هِيَ الْكُتُبُ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

إِصْرِي ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 8‏]‏‏:‏ قَالَ أَبُو الْقَاسِم‏:‏ فِي لُغَاتِ الْقُرْآن‏:‏ مَعْنَاهُ عَهْدِي بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

وَأَكْوَابٍ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 71‏]‏ حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيّ‏:‏ أَنَّهَا الْأَكْوَازُ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاك‏:‏ أَنَّهَا بِالنَّبَطِيَّةِ جِرَارٌ لَيْسَتْ لَهَا عُرًى‏.‏

‏(‏إِلٌّ‏)‏‏:‏ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ ذَكَرُوا أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

‏(‏أَلِيمٍ‏)‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 10‏]‏ حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيّ‏:‏ أَنَّهُ الْمُوجِعُ بِالزِّنْجِيَّةِ‏.‏ وَقَالَ شَيْذَلَةُ‏:‏ بِالْعِبْرَانِيَّةِ‏.‏

‏(‏إِنَاهُ‏)‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 53‏]‏ نُضْجَهُ بِلِسَانِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، ذَكَرَهُ شَيْذَلَةُ‏.‏ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم‏:‏ بِلُغَةِ الْبَرْبَرِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏حَمِيمٍ آنٍ‏}‏ ‏[‏الرَّحْمَن‏:‏ 44‏]‏ هُوَ الَّذِي انْتَهَى حَرُّهُ بِهَا‏.‏ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ‏}‏ ‏[‏الْغَاشِيَة‏:‏ 5‏]‏ أَيْ‏:‏ حَارَّةٍ، بِهَا‏.‏

‏(‏أَوَّاهٌ‏)‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 114‏]‏‏:‏ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ الْأَوَّاهُ الْمُوقِنُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِثْلَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ‏:‏ الرَّحِيمُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ‏:‏ الْأَوَّاهُ الدَّعَّاءُ بِالْعِبْرِيَّةِ‏.‏

‏(‏أَوَّابٌ‏)‏ ‏[‏ص‏:‏ 17‏]‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ‏:‏ الْأَوَّابُ‏:‏ الْمُسَبِّحُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَوِّبِي مَعَهُ‏}‏ ‏[‏سَبَأٍ‏:‏ 10‏]‏ قَالَ‏:‏ سَبِّحِي بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏

‏{‏الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 7‏]‏ قَالَ شَيْذَلَةُ‏:‏ الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى، أَيْ‏:‏ الْآخِرَةُ فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ‏.‏ أَيْ‏:‏ الْأُولَى بِالْقِبْطِيَّةِ، وَالْقِبْطُ يُسَمُّونَ الْآخِرَةَ الْأُولَى وَالْأُولَى الْآخِرَةَ‏.‏ وَحَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ‏.‏

‏(‏بَطَائِنُهَا‏)‏‏:‏ ‏[‏الرَّحْمَن‏:‏ 54‏]‏ قَالَ شَيْذَلَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ‏}‏ ‏[‏الرَّحْمَن‏:‏ 54‏]‏ أَيْ‏:‏ ظَوَاهِرُهَا بِالْقِبْطِيَّةِ وَحَكَاهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

‏(‏بَعِيرٍ‏)‏‏:‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 65‏]‏ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كَيْلَ بَعِيرٍ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 65‏]‏ أَيْ‏:‏ كَيْلَ حِمَارٍ‏.‏ وَعَنْ مُقَاتِلٍ‏:‏ إِنَّ الْبَعِيرَ كُلُّ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ‏.‏

‏(‏بِيَعٌ‏)‏ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 40‏]‏‏:‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ فِي كِتَابِ الْمُعَرَّبِ‏:‏ الْبِيعَةُ وَالْكَنِيسَةُ جَعَلَهُمَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فَارِسِيَّيْنِ مُعَرَّبَيْنِ‏.‏

‏(‏تَنُّورٌ‏)‏‏:‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ وَالثَّعَالِبِيُّ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ‏.‏

‏(‏تَتْبِيرًا‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 7‏]‏ قَالَ‏:‏ تَبَّرَهُ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

‏(‏تَحْتِ‏)‏‏:‏ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي لُغَاتِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 24‏]‏ أَيْ‏:‏ بَطْنِهَا، بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏ وَنَقَلَ الْكَرْمَانِيُّ فِي الْعَجَائِبِ مِثْلَهُ عَنْ مُؤَرِّخٍ‏.‏

‏(‏بِالْجِبْتِ‏)‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 51‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ الْجِبْتُ‏:‏ اسْمُ الشَّيْطَانِ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ‏:‏ الْجِبْتُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الشَّيْطَانُ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ الْجِبْتُ‏:‏ السَّاحِرُ، بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏

‏(‏جَهَنَّمُ‏)‏‏:‏ قِيلَ‏:‏ أَعْجَمِيَّةٌ، وَقِيلَ‏:‏ فَارِسِيَّةٌ وَعِبْرَانِيَّةٌ، أَصْلُهَا ‏(‏كَهْنَامُ‏)‏‏.‏

‏(‏حُرِّمَ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ‏:‏ وَحَرُمَ‏:‏ وَجَبَ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏

‏(‏حَصَبُ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏حَصَبُ جَهَنَّمَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 98‏]‏ قَالَ‏:‏ حَطَبُ جَهَنَّمَ، بِالزِّنْجِيَّةِ‏.‏

‏(‏حِطَّةٌ‏)‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 58‏]‏ قِيلَ‏:‏ مَعْنَاهُ قُولُوا صَوَابًا، بِلُغَتِهِمْ‏.‏

‏(‏حَوَارِيُّونَ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ‏:‏ ‏(‏الْحَوَارِيُّونَ‏)‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 52‏]‏ الْغَسَّالُونَ بِالنَّبَطِيَّةِ، وَأَصْلُهُ ‏(‏هَوَارِيُّ‏)‏‏.‏

‏(‏حُوبٌ‏)‏‏:‏ تَقَدَّمَ فِي مَسَائِلِ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ حُوبًا ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 2‏]‏ إِثْمًا بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ‏.‏

‏(‏دَارَسْتُ‏)‏‏:‏ مَعْنَاهُ قَارَأْتُ بِلُغَةِ الْيَهُودِ‏.‏

‏(‏دُرِّيٍّ‏)‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 35‏]‏ مَعْنَاهُ الْمُضِيءُ بِالْحَبَشِيَّةِ، حَكَاهُ شَيْذَلَةُ وَأَبُو الْقَاسِمِ‏.‏

‏(‏دِينَارٍ‏)‏‏:‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ‏.‏

وَرَاعِنَا‏:‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 104‏]‏ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ رَاعَنَا سَبٌّ بِلِسَانِ الْيَهُودِ‏.‏

‏(‏رَبَّانِيُّونَ‏)‏‏:‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ‏:‏ الْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ الرَّبَّانِيِّينَ، وَإِنَّمَا عَرَفَهَا الْفُقَهَاءُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَأَحْسَبُ الْكَلِمَةَ لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ وَإِنَّمَا هِيَ عِبْرَانِيَّةٌ أَوْ سُرْيَانِيَّةٌ، وَجَزَمَ الْقَاسِمُ بِأَنَّهَا سُرْيَانِيَّةٌ‏.‏

رِبِّيُّونَ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 146‏]‏ ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ اللُّغَوِيُّ فِي كِتَابِ الزِّينَةِ أَنَّهَا سُرْيَانِيَّةٌ‏.‏

بِالرَّحْمَن‏:‏ ذَهَبَ الْمُبَرِّدُ وَثَعْلَبٌ إِلَى أَنَّهُ عِبْرَانِيٌّ، وَأَصْلُهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ‏.‏

الرَّسِّ ‏[‏الْفُرْقَان‏:‏ 38‏]‏‏:‏ فِي الْعَجَائِبِ لِلْكَرْمَانِيّ‏:‏ إِنَّهُ عَجَمِيٌّ، وَمَعْنَاهُ الْبِئْرُ‏.‏

الرَّقِيمِ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 9‏]‏ قِيلَ‏:‏ إِنَّهُ اللَّوْحُ بِالرُّومِيَّةِ، حَكَاهُ شَيْذَلَةُ‏.‏ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ هُوَ الْكِتَابُ بِهَا‏.‏ وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ‏:‏ هُوَ الدَّوَاةُ بِهَا‏.‏

‏{‏رَمْزًا‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 41‏]‏ عَدَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي فُنُونِ الْأَفْنَانِ مِنَ الْمُعَرَّبِ‏.‏ وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ‏:‏ هُوَ تَحْرِيكُ الشَّفَتَيْنِ بِالْعِبْرِيَّةِ‏.‏

‏{‏رَهْوًا‏}‏‏:‏ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا‏}‏ ‏[‏الدُّخَان‏:‏ 24‏]‏ أَيْ‏:‏ سَهْلًا دَمِثًا، بِلُغَةِ النَّبَطِ وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ‏:‏ أَيْ سَاكِنًا بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏

‏{‏الرُّومُ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 2‏]‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ هُوَ أَعْجَمِيٌّ اسْمٌ لِهَذَا الْجِيلِ مِنَ النَّاسِ‏.‏

‏(‏زَنْجَبِيلٌ‏)‏‏:‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ وَالثَّعَالِبِيُّ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ‏.‏

السِّجِلُّ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 104‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ السِّجِلُّ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ الرَّجُلُ‏.‏ وَفِي الْمُحْتَسِبِ لِابْنِ جِنِّيٍّ‏:‏ السِّجِلُّ‏:‏ الْكِتَابُ‏.‏ قَالَ قَوْمٌ‏:‏ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ‏.‏

سِجِّيلٍ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 82‏]‏ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ سِجِّيلٌ بِالْفَارِسِيَّةِ، أَوَّلُهَا حِجَارَةٌ وَآخِرُهَا طِينٌ‏.‏

سَجِّينٍ ‏[‏الْمُطَفِّفِينَ‏:‏ 7‏]‏ ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الزِّينَةِ أَنَّهُ غَيْرُ عَرَبِيٍّ‏.‏

‏(‏سُرَادِقٌ‏)‏‏:‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَأَصْلُهُ سِرَادِرُ، وَهُوَ الدِّهْلِيزُ‏.‏ وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ الصَّوَابُ أَنَّهُ بِالْفَارِسِيَّةِ سِرَابِرْدِهْ أَيْ‏:‏ سِتْرُ الدَّارِ‏.‏

‏(‏سَرِيٌّ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏سَرِيًّا‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 24‏]‏ قَالَ‏:‏ نَهْرًا، بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏ وَحَكَى شَيْذَلَةُ‏:‏ أَنَّهُ بِالْيُونَانِيَّةِ‏.‏

سَفَرَةٍ‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ‏:‏ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏بِأَيْدِي سَفَرَةٍ‏}‏ ‏[‏عَبَسَ‏:‏ 15‏]‏ قَالَ‏:‏ بِالنَّبَطِيَّةِ الْقُرَّاءُ‏.‏

سَقَرَ ‏[‏الْقَمَر‏:‏ 48‏]‏‏:‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ أَنَّهَا أَعْجَمِيَّةٌ‏.‏

سُجَّدًا‏:‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 161‏]‏ أَيْ‏:‏ مُقَنَّعِي الرُّءُوسِ، بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏

‏(‏سَكَرٌ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ السَّكَرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَة‏:‏ الْخَلُّ‏.‏

‏(‏سَلْسَبِيلٌ‏)‏‏:‏ حَكَى الْجَوَالِيقِيُّ أَنَّهُ عَجَمِيٌّ‏.‏

سَنَا ‏[‏النُّور‏:‏ 43‏]‏ عَدَّهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي نَظْمِهِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ‏.‏

سُنْدُسٍ‏:‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 31‏]‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ هُوَ رَقِيقُ الدِّيبَاجِ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَقَالَ اللَّيْثُ‏:‏ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْمُفَسِّرُونَ فِي أَنَّهُ مُعَرَّبٌ‏.‏ وَقَالَ شَيْذَلَةُ‏:‏ هُوَ بِالْهِنْدِيَّةِ‏.‏

سَيِّدَهَا قَالَ الْوَاسِطِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 25‏]‏ أَيْ‏:‏ زَوْجَهَا بِلِسَانِ الْقِبْطِ‏.‏ قَالَ أَبُو عَمْرٍو‏:‏ لَا أَعْرِفُهَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ‏.‏

سِينِينَ ‏[‏التِّين‏:‏ 2‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ سِينِينَ الْحَسَنُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏

‏{‏سَيْنَاءَ‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 20‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ‏:‏ سَيْنَاءَ بِالنَّبَطِيَّةِ الْحَسَنُ‏.‏

شَطْرَ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ رُفَيْعٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏شَطْرَ الْمَسْجِدِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 144‏]‏ قَالَ‏:‏ تِلْقَاءَ بِلِسَانِ الْحَبَشِ‏.‏

شَهْرُ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 185‏]‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏

الصِّرَاط‏:‏ حَكَى النَّقَّاشُ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ الطَّرِيقُ بِلُغَةِ الرُّومِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي كِتَابِ الزِّينَةِ لِأَبِي حَاتِمٍ‏.‏

فَصُرْهُنَّ‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَصُرْهُنَّ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 260‏]‏ قَالَ‏:‏ هِيَ نَبَطِيَّةٌ، فَشَقِّقْهُنَّ‏.‏ وَأَخْرَجَ مِثْلَهُ عَنِ الضَّحَّاكِ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ‏:‏ مَا مِنَ اللُّغَةِ شَيْءٌ إِلَّا مِنْهَا فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ‏.‏ قِيلَ‏:‏ وَمَا فِيهِ مِنَ الرُّومِيَّةِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَصُرْهُنَّ يَقُولُ‏:‏ قَطِّعْهُنَّ‏.‏

صَلَوَاتٌ‏:‏ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 40‏]‏‏.‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيٌّ‏:‏ هِيَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ كَنَائِسُ الْيَهُودِ، وَأَصْلُهَا ‏(‏صُلُوتَا‏)‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ نَحْوَهُ، عَنِ الضَّحَّاكِ‏.‏

‏{‏طه‏}‏ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ كَقَوْلِكَ يَا مُحَمَّدُ، بِلِسَانِ الْحَبَشِ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ يَا رَجُلُ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ ‏{‏طه‏}‏ يَا رَجُلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏

الطَّاغُوتُ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 256‏]‏ هُوَ الْكَاهِنُ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏

وَطَفِقَا ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 22‏]‏ قَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ قَصَدَا بِالرُّومِيَّةِ، وَحَكَاهُ شَيْذَلَةُ‏.‏

طُوبَى ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 29‏]‏ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ بِالْهِنْدِيَّةِ‏.‏

‏{‏طُورِ‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 20‏]‏ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الطُّورُ‏:‏ الْجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الضَّحَّاك‏:‏ أَنَّهُ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

طُوًى ‏[‏طه‏:‏ 12‏]‏ فِي الْعَجَائِبِ لِلْكَرْمَانِيّ‏:‏ قِيلَ‏:‏ هُوَ مُعَرَّبٌ مَعْنَاهُ لَيْلًا وَقِيلَ‏:‏ هُوَ رَجُلٌ بِالْعِبْرَانِيَّةِ‏.‏

عَبَّدْتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ‏}‏ ‏[‏الشُّعَرَاء‏:‏ 22‏]‏ مَعْنَاهُ‏:‏ قَتَلْتَ بِلُغَةِ النَّبَطِ‏.‏

‏{‏عَدْنٍ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 72‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهُ سَأَلَ كَعْبًا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏جَنَّاتُ عَدْنٍ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 72‏]‏ قَالَ‏:‏ جَنَّاتُ كُرُومٍ وَأَعْنَابٍ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَمِنْ تَفْسِيرِ جُوَيْبِرٍ‏:‏ أَنَّهُ بِالرُّومِيَّةِ‏.‏

الْعَرِمِ ‏[‏سَبَأٍ‏:‏ 16‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْعَرِمُ بِالْحَبَشِيَّةِ، وَهِيَ الْمُسَنَّاةُ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا الْمَاءُ ثُمَّ يَنْبَثِقُ‏.‏

‏(‏غَسَّاقٌ‏)‏‏:‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ وَالْوَاسِطِيُّ‏:‏ هُوَ الْبَارِدُ الْمُنْتِنُ بِلِسَانِ التُّرْكِ‏.‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ‏:‏ الْغَسَّاقُ الْمُنْتِنُ، وَهُوَ بِالطَّخَارِيَّةِ‏.‏

وَغِيضَ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 44‏]‏ قَالَ أَبُو الْقَاسِم‏:‏ غِيضَ‏:‏ نَقَصَ، بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ‏.‏

الْفِرْدَوْس‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْفِرْدَوْسُ بُسْتَانٌ بِالرُّومِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ الْكَرْمُ بِالنَّبَطِيَّةِ وَأَصْلُهُ ‏(‏فِرْدَاسًا‏)‏‏.‏

‏(‏فُومٌ‏)‏‏:‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ‏:‏ هُوَ الْحِنْطَةُ بِالْعِبْرِيَّةِ‏.‏

‏{‏قَرَاطِيسَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 91‏]‏‏:‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ يُقَالُ‏:‏ إِنَّ الْقِرْطَاسَ أَصْلُهُ غَيْرُ عَرَبِيٍّ‏.‏

‏(‏قِسْطٌ‏)‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ بِالْقِسْطِ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 18‏]‏ الْعَدْلِ بِالرُّومِيَّةِ‏.‏

‏(‏قِسْطَاسٌ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْقِسْطَاسُ الْعَدْلُ بِالرُّومِيَّةِ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ بِالْقِسْطَاسِ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 35‏]‏ بِلُغَةِ الرُّوم‏:‏ الْمِيزَانِ‏.‏

‏{‏قَسْوَرَةٍ‏}‏ ‏[‏الْمُدَّثِّر‏:‏ 51‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ الْأَسَدُ، يُقَالُ لَهُ بِالْحَبَشِيَّة‏:‏ قَسْوَرَةٍ‏.‏

قِطَّنَا‏:‏ ‏[‏ص‏:‏ 16‏]‏ قَالَ أَبُو الْقَاسِم‏:‏ مَعْنَاهُ كِتَابَنَا، بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

‏(‏قُفْلٌ‏)‏‏:‏ حَكَى الْجَوَالِيقِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ‏:‏ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ‏.‏

‏(‏قُمَّلٌ‏)‏‏:‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ الدَّبَا بِلِسَانِ الْعِبْرِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو‏:‏ لَا أَعْرِفُهُ فِي لُغَةِ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ‏.‏

بِقِنْطَارٍ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 75‏]‏ ذَكَرَ الثَّعَالِبِيُّ فِي فِقْهِ اللُّغَة‏:‏ أَنَّهُ بِالرُّومِيَّةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ أُوقِيَّةٍ‏.‏ وَقَالَ الْخَلِيلُ‏:‏ زَعَمُوا أَنَّهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ مَلْءُ جِلْدِ ثَوْرٍ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً‏.‏ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِنَّهُ بِلُغَةِ بَرْبَرَ أَلْفُ مِثْقَالٍ‏.‏

وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ قِيلَ‏:‏ إِنَّهُ ثَمَانِيَةُ آلَافِ مِثْقَالٍ، بِلِسَانِ أَهْلِ إِفْرِيقِيَّةَ‏.‏

الْقَيُّومُ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 255‏]‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ‏:‏ هُوَ الَّذِي لَا يَنَامُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏

‏(‏كَافُورٌ‏)‏‏:‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ‏.‏

كَفِّرْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كَفِّرْ عَنَّا، مَعْنَاهُ‏:‏ امْحُ عَنَّا بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ‏}‏ ‏[‏مُحَمَّدٍ‏:‏ 2‏]‏ قَالَ‏:‏ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَحَا عَنْهُمْ‏.‏

كِفْلَيْن‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ‏:‏ كِفْلَيْن‏:‏ ضِعْفَيْنِ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏

كَنْزٌ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 82‏]‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ‏.‏

كُوِّرَتْ ‏[‏التَّكْوِير‏:‏ 1‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ كُوِّرَتْ‏:‏ غُوِّرَتْ، وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ‏.‏

لِينَةٍ ‏[‏الْحَشْر‏:‏ 5‏]‏‏:‏ فِي الْإِرْشَادِ لِلْوَاسِطِيِّ؛ هِيَ النَّخْلَةُ‏.‏ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ‏:‏ لَا أَعْلَمُهَا إِلَّا بِلِسَانِ يَهُودَ يَثْرِبَ‏.‏

مُتَّكَأً ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 31‏]‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ تَمَامٍ الشَّقَرِيِّ، قَالَ ‏(‏مُتَّكَأً‏)‏ بِلِسَانِ الْحَبَشِ، يُسَمُّونَ التُّرُنْجَ مُتَّكَأً‏.‏

‏(‏مَجُوسٌ‏)‏‏:‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ‏.‏

‏(‏مَرْجَانٌ‏)‏‏:‏ حَكَى الْجَوَالِيقِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ‏.‏

مِسْكٌ‏:‏ ‏[‏الْمُطَفِّفِينَ‏:‏ 26‏]‏ ذَكَرَ الثَّعَالِبِيُّ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ‏.‏

‏(‏مِشْكَاةٌ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ ‏(‏الْمِشْكَاةُ‏)‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 35‏]‏ الْكُوَّةُ، بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ‏.‏

مَقَالِيدُ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 63‏]‏ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ مَقَالِيدُ مَفَاتِيحُ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَالْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ الْإِقْلِيدُ وَالْمِقْلِيدُ‏:‏ الْمِفْتَاحُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ‏.‏

مَرْقُومٌ‏:‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كِتَابٌ مَرْقُومٌ‏}‏ ‏[‏الْمُطَفِّفِينَ‏:‏ 9‏]‏ أَيْ مَكْتُوبٌ، بِلِسَانِ الْعِبْرِيَّةِ‏.‏

مُزْجَاةٍ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 88‏]‏ قَالَ الْوَاسِطِيُّ‏:‏ مُزْجَاةٍ قَلِيلَةٍ، بِلِسَانِ الْعَجَمِ، وَقِيلَ‏:‏ بِلِسَانِ الْقِبْطِ‏.‏

مَلَكُوتُ‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏مَلَكُوتُ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 75‏]‏ قَالَ‏:‏ هُوَ الْمُلْكُ، وَلَكِنَّهُ بِكَلَامِ النَّبَطِيَّة‏:‏ ‏(‏مَلَكُوتًا‏)‏‏.‏

وَأَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ فِي الْإِرْشَادِ هُوَ الْمُلْكُ بِلِسَانِ النَّبَطِ‏.‏

مَنَاصٍ ‏[‏ص‏:‏ 3‏]‏ قَالَ‏:‏ أَبُو الْقَاسِم‏:‏ مَعْنَاهُ فِرَارٌ بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

‏(‏مِنْسَأَةٌ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ‏:‏ الْمِنْسَأَةُ الْعَصَا بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏

مُنْفَطِرٌ‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ‏}‏ ‏[‏الْمُزَّمِّل‏:‏ 18‏]‏‏.‏ قَالَ‏:‏ مُمْتَلِئَةٌ بِهِ، بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ‏.‏

‏(‏مُهْلٌ‏)‏‏:‏ قِيلَ‏:‏ هُوَ عَكَرُ الزَّيْتِ بِلِسَانِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، حَكَاهُ شَيْذَلَةُ‏.‏ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بِلُغَةِ الْبَرْبَرِ‏.‏

نَاشِئَةَ ‏[‏الْمُزَّمِّل‏:‏ 18‏]‏ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ‏:‏ ‏(‏نَاشِئَةُ اللَّيْلِ‏)‏ قِيَامُ اللَّيْلِ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ‏.‏

ن‏:‏ حَكَى الْكَرْمَانِيُّ فِي الْعَجَائِبِ عَنِ الضَّحَّاك‏:‏ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ أَصْلُهُ أنون‏.‏ وَمَعْنَاهُ‏:‏ اصْنَعْ مَا شِئْتَ‏.‏

هُدْنَا ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 156‏]‏ قِيلَ‏:‏ مَعْنَاهُ تُبْنَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ، حَكَاهُ شَيْذَلَةُ وَغَيْرُهُ‏.‏

‏(‏هُودٌ‏)‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ الْهُودُ الْيَهُودُ، أَعْجَمِيٌّ‏.‏

‏(‏هَوْنٌ‏)‏‏:‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا‏}‏ ‏[‏الْفُرْقَان‏:‏ 63‏]‏ قَالَ‏:‏ حُكَمَاءُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ أَنَّهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ‏.‏

‏{‏هَيْتَ لَكَ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 23‏]‏ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ ‏(‏هَيْتَ لَكَ‏)‏، هَلُمَّ لَكَ بِالْقِبْطِيَّةِ‏.‏ وَقَالَ الْحَسَنُ‏:‏ هِيَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ كَذَلِكَ، أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ‏:‏ هِيَ بِالْحَوْرَانِيَّةِ، كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ‏.‏ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ هِيَ‏:‏ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَأَصِلُهُ ‏(‏هيتلج‏)‏ أَيْ‏:‏ تَعَالَهْ‏.‏

‏(‏وَرَاءُ‏)‏‏:‏ قِيلَ‏:‏ مَعْنَاهُ أَمَامُ بِالنَّبَطِيَّةِ، وَحَكَاهُ شَيْذَلَةُ وَأَبُو الْقَاسِمِ، وَذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ أَنَّهَا غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ‏.‏

وَرْدَةً ‏[‏الرَّحْمَن‏:‏ 37‏]‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ أَنَّهَا غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ‏.‏

وَزَرَ ‏[‏الْقِيَامَة‏:‏ 11‏]‏ قَالَ أَبُو الْقَاسِم‏:‏ هُوَ الْجَبَلُ وَالْمَلْجَأُ، بِالنَّبَطِيَّةِ‏.‏

‏(‏يَاقُوتٌ‏)‏‏:‏ ذَكَرَ الْجَوَالِيقِيُّ وَالثَّعَالِبِيُّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ فَارِسِيٌّ‏.‏

يَحُورَ ‏[‏الِانْشِقَاق‏:‏ 14‏]‏ قَالَ‏:‏ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ ‏(‏يَرْجِعَ‏)‏ وَأُخْرِجَ مِثْلُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي أَسْئِلَةِ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

يس أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يس‏}‏ قَالَ‏:‏ يَا إِنْسَانُ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ يس يَا رَجُلُ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ‏.‏

يَصِدُّونَ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 57‏]‏ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيّ‏:‏ مَعْنَاهُ يَضِجُّونَ بِالْحَبَشِيَّةِ‏.‏

يُصْهَرُ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 20‏]‏ قِيلَ‏:‏ مَعْنَاهُ يُنْضَجُ، بِلِسَانِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، حَكَاهُ شَيْذَلَةُ‏.‏

الْيَمِّ ‏[‏طه‏:‏ 39‏]‏ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ‏:‏ الْيَمُّ الْبَحْرُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيّ‏:‏ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَقَالَ شَيْذَلَةُ‏:‏ بِالْقِبْطِيَّةِ‏.‏

‏{‏الْيَهُودُ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 113‏]‏ قَالَ الْجَوَالِيقِيُّ‏:‏ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ مَنْسُوبُونَ إِلَى يَهُوذَا بْنِ يَعْقُوبَ، فَعُرِّبَ بِإِهْمَالِ الدَّالِ‏.‏

فَهَذَا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُعَرَّبَةِ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ الْفَحْصِ الشَّدِيدِ سِنِينَ، وَلَمْ تَجْتَمِعْ قَبْلُ فِي كِتَابٍ قَبْلَ هَذَا‏.‏

وَقَدْ نَظَمَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ بْنُ السُّبْكِيِّ مِنْهَا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ لَفْظًا فِي أَبْيَاتٍ، وَذَيَّلَ عَلَيْهَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَجَرٍ بِأَبْيَاتٍ فِيهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لَفْظًا، وَذَيَّلْتُ عَلَيْهَا بِالْبَاقِي وَهُوَ بِضْعٌ وَسِتُّونَ، فَتَمَّتْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ لَفْظَةٍ‏.‏

فَقَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ‏:‏

السَّلْسَبِيلُ وَطَهَ كُوِّرَتْ بِيَعٌ *** رُومٌ وَطُوبَى وَسِجِّيلٌ وَكَافُورُ

وَالزَّنْجَبِيلُ وَمِشْكَاةٌ سُرَادِقُ مَعْ *** إِسْتَبْرَقٍ صَلَوَاتٌ سُنْدُسٌ طُورُ

كَذَا قَرَاطِيسُ رَبَانِيُّهُمْ وَغَسَّا *** قٌ وَدِينَارُ وَالْقِسْطَاسُ مَشْهُورُ

كَذَاكَ قَسْوَرَةٌ وَالْيَمُّ نَاشِئَةٌ *** وَيُؤْتَ كِفْلَيْنِ مَذْكُورٌ وَمَسْطُورُ

لَهُ مَقَالِيدُ فِرْدَوْسٌ يُعَدُّ كَذَا *** فِيمَا حَكَى ابْنُ دُرَيْدٍ مِنْهُ تَنُّورُ

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ‏:‏

وَزِدْتُ حِرْمٌ وَمُهْلٌ وَالسِّجِلُّ كَذَا *** السَّرِيُّ وَالْأَبُّ ثُمَّ الْجِبْتُ مَذْكُورُ

وَقِطَّنَا وَإِنَاهُ ثُمَّ مُتَّكَأً *** دَارَسْتُ يُصْهَرُ مِنْهُ فَهُوَ مَصْهُورُ

وَهَيْتَ وَالسَّكَرُ الْأَوَّاهُ مَعَ حَصَبٍ *** وَأَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّاغُوتُ مَسْطُورُ

صُرْهُنَّ إِصْرِي وَغِيضَ الْمَاءُ مَعْ وَزَرٍ *** ثُمَّ الرَّقِيمُ مَنَاصٌ وَالسَّنَا النُّورُ

وَقُلْتُ أَيْضًا‏:‏

وَزِدْتُ يس وَالرَّحْمَنُ مَعَ مَلَكُو *** تِ ثُمَّ سِينِينَ شَطْرَ الْبَيْتِ مَشْهُورُ

ثُمَّ الصِّرَاطُ وَدُرِّيٌّ يَحُورُ وَمَرْ *** جَانٌ وَيَمٌّ مَعَ الْقِنْطَارِ مَذْكُورُ

وَرَاعِنَا طَفِقَا هُدْنَا ابْلَعِي وَوَرَاءُ *** وَالْأَرَائِكُ وَالْأَكْوَابُ مَأْثُورُ

هُودٌ وَقِسْطٌ كَفِّرْ رَمْزُهُ سَقَرٌ *** هَوْنٌ يَصِدُّونَ وَالْمِنْسَاةُ مَسْطُورُ

شَهْرٌ مَجُوسٌ وَأَقْفَالٌ يَهُودُ حَوَا *** رِيُّونَ كَنْزٌ وَسِجِّينٌ وَتَتْبِيرُ

بَعِيرٌ آزَرُ حُوبٌ وَرْدَةٌ عَرِمٌ *** إِلٌّ وَمِنْ تَحْتِهَا عَبَّدْتَ وَالصُّورُ

وَلِينَةٌ فُومُهَا رَهْوٌ وَأَخْلَدَ مُزْ *** جَاةٌ وَسَيِّدَهَا الْقَيُّومُ مَوْقُورُ

وَقُمَّلٌ ثُمَّ أَسْفَارٌ عَنَى كُتُبًا *** وَسُجَّدًا ثُمَّ رِبِّيُّونَ تَكْثِيرُ

وَحِطَّةٌ وَطُوًى وَالرَّسُّ نُونٌ كَذَا *** عَدْنٌ وَمُنْفَطِرٌ الْأَسْبَاطُ مَذْكُورُ

مِسْكٌ أَبَارِيقُ يَاقُوتٌ رَوَوْا فَهُنَا *** مَا فَاتَ مِنْ عَدَدِ الْأَلْفَاظِ مَحْصُورُ

وَبَعْضُهُمْ عَدَّ الْأُولَى مَعَ بَطَائِنِهَا *** وَالْآخِرَةَ لِمَعَانِي الضِّدِّ مَقْصُورُ

النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ الْوُجُوهِ وَالنَّظَائِرِ

صَنَّفَ فِيهَا قَدِيمًا مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَابْنُ الدَّامِغَانِيِّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمِصْرِيُّ، وَابْنُ فَارِسٍ، وَآخَرُونَ‏.‏

فَالْوُجُوهُ‏:‏ لِلَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي عِدَّةِ مَعَانٍ كَلَفْظِ الْأُمَّةِ‏.‏ وَقَدْ أَفْرَدْتُ فِي هَذَا الْفَنِّ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ‏:‏ مُعْتَرَكُ الْأَقْرَانِ فِي مُشْتَرَكِ الْقُرْآنِ‏.‏

وَالنَّظَائِرُ كَالْأَلْفَاظِ الْمُتَوَاطِئَةِ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ النَّظَائِرُ فِي اللَّفْظِ، وَالْوُجُوهُ فِي الْمَعَانِي‏.‏

وَضُعِّفَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ هَذَا لَكَانَ الْجَمْعُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَهُمْ يَذْكُرُونَ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ اللَّفْظَ الَّذِي مَعْنَاهُ وَاحِدٌ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، فَيَجْعَلُونَ الْوُجُوهَ نَوْعًا لِأَقْسَامٍ، وَالنَّظَائِرَ نَوْعًا آخَرَ‏.‏

وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ، حَيْثُ كَانَتِ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ تَنْصَرِفُ إِلَى عِشْرِينَ وَجْهًا وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْبَشَرِ‏.‏

وَذَكَرَ مُقَاتِلٌ فِي صَدْرِ كِتَابِهِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا‏:‏ «لَا يَكُونُ الرَّجُلُ فَقِيهًا كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا كَثِيرَةً»‏.‏

قُلْتُ هَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَوْقُوفًا، وَلَفْظُهُ‏:‏ لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ‏.‏ وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ‏:‏ أَنْ يَرَى اللَّفْظَ الْوَاحِدَ يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ مُتَعَدِّدَةً، فَيَحْمِلَهُ عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَضَادَّةٍ وَلَا يَقْتَصِرُ بِهِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ‏.‏

وَأَشَارَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اسْتِعْمَالُ الْإِشَارَاتِ الْبَاطِنَةِ، وَعَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّفْسِيرِ الظَّاهِرِ‏.‏

وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِهِ، مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ‏:‏ «إِنَّكَ لَنْ تَفْقَهَ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا»‏.‏

قَالَ حَمَّادٌ‏:‏ فَقُلْتُ لِأَيُّوبَ أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ‏:‏ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا، أَهُوَ أَنْ يَرَى لَهُ وُجُوهًا فَيَهَابُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ، هُوَ هَذَا‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَرْسَلَهُ إِلَى الْخَوَارِجِ، فَقَالَ‏:‏ اذْهَبْ إِلَيْهِمْ فَخَاصِمْهُمْ، وَلَا تُحَاجَّهُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ ذُو وُجُوهٍ، وَلَكِنْ خَاصِمْهُمْ بِالسُّنَّةِ‏.‏

وَأَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْهُمْ، فِي بُيُوتِنَا نَزَلَ‏.‏ قَالَ‏:‏ صَدَقْتَ، وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوهٍ، تَقُولُ وَيَقُولُونَ، وَلَكِنْ خَاصِمْهُمْ بِالسُّنَنِ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَنْهَا مَحِيصًا‏.‏ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَخَاصَمَهُمْ بِالسُّنَنِ فَلَمْ تَبْقَ بِأَيْدِيهِمْ حُجَّةٌ‏.‏

‏[‏عُيُونٌ مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا النَّوْعِ‏]‏

وَهَذِهِ عُيُونٌ مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا النَّوْع‏:‏

مِنْ ذَلِكَ‏:‏ الْهُدَى، يَأْتِي عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ وَجْهًا فَى الْقُرْآن‏:‏

بِمَعْنَى الثَّبَات‏:‏ ‏{‏اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ‏}‏ ‏[‏الْفَاتِحَة‏:‏ 6‏]‏‏.‏

وَالْبَيَان‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 5‏]‏‏.‏

وَالدِّين‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 73‏]‏‏.‏

وَالْإِيمَان‏:‏ ‏{‏وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 76‏]‏‏.‏

وَالدُّعَاء‏:‏ ‏{‏وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 7‏]‏، ‏{‏وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 73‏]‏‏.‏

وَبِمَعْنَى الرِّسْلِ وَالْكُتُب‏:‏ ‏{‏فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 38‏]‏‏.‏

وَالْمَعْرِفَة‏:‏ ‏{‏وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 16‏]‏‏.‏

وَبِمَعْنَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 159‏]‏‏.‏

وَبِمَعْنَى الْقُرْآن‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى‏}‏ ‏[‏النَّجْم‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وَالتَّوْرَاة‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى‏}‏ ‏[‏غَافِرٍ‏:‏ 53‏]‏‏.‏

وَالِاسْتِرْجَاع‏:‏ ‏{‏وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 157‏]‏‏.‏

وَالْحُجَّة‏:‏ ‏{‏لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 258‏]‏، بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 258‏]‏ أَيْ لَا يَهْدِيهِمْ حُجَّةً‏.‏

وَالتَّوْحِيد‏:‏ ‏{‏إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 57‏]‏‏.‏

وَالسُّنَّة‏:‏ ‏{‏فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 90‏]‏، ‏{‏وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 22‏]‏‏.‏

وَالْإِصْلَاح‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 52‏]‏

وَالْإِلْهَام‏:‏ ‏{‏أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 50‏]‏ أَيْ‏:‏ أَلْهَمَهُمُ الْمَعَاشَ‏.‏

وَالتَّوْبَة‏:‏ ‏{‏إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 156‏]‏‏.‏

وَالْإِرْشَاد‏:‏ ‏{‏أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 22‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ السُّوءُ، يَأْتِي عَلَى أَوْجُهٍ‏:‏

الشِّدَّة‏:‏ ‏{‏يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 49‏]‏‏.‏

وَالْعَقْر‏:‏ ‏{‏وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 73‏]‏‏.‏

وَالزِّنَى‏:‏ ‏{‏مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 25‏]‏، ‏{‏مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 28‏]‏‏.‏

وَالْبَرَص‏:‏ ‏{‏بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 32‏]‏‏.‏

وَالْعَذَاب‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 27‏]‏‏.‏

وَالشِّرْك‏:‏ ‏{‏مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 28‏]‏‏.‏

وَالشَّتْم‏:‏ ‏{‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 148‏]‏‏.‏ ‏{‏وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ‏}‏ ‏[‏الْمُمْتَحَنَة‏:‏ 2‏]‏‏.‏

وَالذَّنْب‏:‏ ‏{‏يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 17‏]‏‏.‏

وَبِمَعْنَى بِئْسَ‏:‏ ‏{‏وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 25‏]‏‏.‏

وَالضُّرّ‏:‏ ‏{‏وَيَكْشِفُ السُّوءَ‏}‏ ‏[‏النَّمْل‏:‏ 62‏]‏، ‏{‏وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 188‏]‏‏.‏

وَالْقَتْلِ وَالْهَزِيمَة‏:‏ ‏{‏لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 174‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الصَّلَاةُ، تَأْتِي عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

الصَّلَوَاتِ الْخَمْس‏:‏ ‏{‏وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 3‏]‏‏.‏

وَصَلَاةِ الْعَصْر‏:‏ ‏{‏تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 106‏]‏‏.‏

وَصَلَاةِ الْجُمُعَةَ‏:‏ ‏{‏إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ‏}‏ ‏[‏الْجُمْعَة‏:‏ 9‏]‏‏.‏

وَالْجِنَازَة‏:‏ ‏{‏وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 84‏]‏‏.‏

وَالدُّعَاء‏:‏ ‏{‏وَصَلِّ عَلَيْهِمْ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 103‏]‏‏.‏

وَالدِّين‏:‏ ‏{‏أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 87‏]‏‏.‏

وَالْقِرَاءَة‏:‏ ‏{‏وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 110‏]‏‏.‏

وَالرَّحْمَةِ وَالِاسْتِغْفَار‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 56‏]‏‏.‏

وَمَوَاضِعِ الصَّلَاة‏:‏ ‏{‏وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ‏}‏ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 40‏]‏، ‏{‏لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 43‏]‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الرَّحْمَةُ، وَرَدَتْ عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

الْإِسْلَام‏:‏ ‏{‏يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 74‏]‏‏.‏

وَالْإِيمَان‏:‏ ‏{‏وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 28‏]‏‏.‏

وَالْجَنَّة‏:‏ ‏{‏فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 107‏]‏‏.‏

وَالْمَطَر‏:‏ ‏{‏بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 57‏]‏‏.‏

وَالنِّعْمَة‏:‏ ‏{‏وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 10‏]‏‏.‏

وَالنُّبُوَّة‏:‏ ‏{‏أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 9‏]‏، ‏{‏أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 32‏]‏‏.‏

وَالْقُرْآن‏:‏ ‏{‏قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 58‏]‏‏.‏

وَالرِّزْق‏:‏ ‏{‏خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 100‏]‏‏.‏

وَالنَّصْرِ وَالْفَتْح‏:‏ ‏{‏إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 17‏]‏‏.‏

وَالْعَافِيَة‏:‏ ‏{‏أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ‏}‏ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 38‏]‏‏.‏

وَالْمَوَدَّة‏:‏ ‏{‏رَأْفَةً وَرَحْمَةً‏}‏ ‏[‏الْحَدِيد‏:‏ 27‏]‏، ‏{‏رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ‏}‏ ‏[‏الْفَتْح‏:‏ 29‏]‏‏.‏

وَالسَّعَة‏:‏ ‏{‏تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 178‏]‏‏.‏

وَالْمَغْفِرَة‏:‏ ‏{‏كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 12‏]‏‏.‏

وَالْعِصْمَة‏:‏ ‏{‏لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 43‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الْفِتْنَةُ، وَرَدَتْ عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

الشِّرْك‏:‏ ‏{‏وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 191‏]‏، ‏{‏حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 39‏]‏‏.‏

وَالْإِضْلَال‏:‏ ‏{‏ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 7‏]‏‏.‏

وَالْقَتْل‏:‏ ‏{‏أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 101‏]‏‏.‏

وَالصَّدّ‏:‏ ‏{‏وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 49‏]‏‏.‏

وَالضَّلَالَة‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 41‏]‏‏.‏

وَالْمَعْذِرَة‏:‏ ‏{‏ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وَالْقَضَاء‏:‏ ‏{‏إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 155‏]‏‏.‏

وَالْإِثْم‏:‏ ‏{‏أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 49‏]‏‏.‏

وَالْمَرَض‏:‏ ‏{‏يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 126‏]‏‏.‏

وَالْعِبْرَة‏:‏ ‏{‏لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 85‏]‏‏.‏

وَالِاخْتِبَار‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏}‏ ‏[‏الْعَنْكَبُوت‏:‏ 3‏]‏‏.‏

وَالْعَذَاب‏:‏ ‏{‏جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏الْعَنْكَبُوت‏:‏ 10‏]‏‏.‏

وَالْإِحْرَاق‏:‏ ‏{‏يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ‏}‏ ‏[‏الذَّارِيَات‏:‏ 13‏]‏‏.‏

وَالْجُنُون‏:‏ ‏{‏بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ‏}‏ ‏[‏الْقَلَم‏:‏ 6‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الرُّوحُ، وَرَدَ عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

الْأَمْر‏:‏ ‏{‏وَرُوحٌ مِنْهُ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 171‏]‏‏.‏

وَالْوَحْي‏:‏ ‏{‏يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 2‏]‏‏.‏

وَالْقُرْآن‏:‏ ‏{‏أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا‏}‏ ‏[‏الشُّورَى‏:‏ 52‏]‏‏.‏

وَالرَّحْمَة‏:‏ ‏{‏وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ‏}‏ ‏[‏الْمُجَادَلَة‏:‏ 22‏]‏‏.‏

وَالْحَيَاة‏:‏ ‏{‏فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ‏}‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 89‏]‏‏.‏

وَجِبْرِيلَ‏:‏ ‏{‏فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 17‏]‏، ‏{‏نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ‏}‏ ‏[‏الشُّعَرَاء‏:‏ 193‏]‏‏.‏

وَمَلَكٌ عَظِيمٌ‏:‏ ‏{‏يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ‏}‏ ‏[‏النَّبَأ‏:‏ 38‏]‏‏.‏

وَجَيْشٌ مِنَ الْمَلَائِكَة‏:‏ ‏{‏تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا‏}‏ ‏[‏الْقَدْر‏:‏ 4‏]‏‏.‏

وَرُوحِ الْبَدَن‏:‏ ‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 85‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الْقَضَاءُ، وَرَدَ عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

الْفَرَاغ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 200‏]‏‏.‏

وَالْأَمْر‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قَضَى أَمْرًا‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 7‏]‏‏.‏

وَالْأَجْل‏:‏ ‏{‏فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وَالْفَصْل‏:‏ ‏{‏لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 58‏]‏‏.‏

وَالْمُضِيّ‏:‏ ‏{‏لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 42‏]‏‏.‏

وَالْهَلَاك‏:‏ ‏{‏لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجْلُهُمْ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 11‏]‏‏.‏

وَالْوُجُوب‏:‏ ‏{‏قُضِيَ الْأَمْرُ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 41‏]‏‏.‏

وَالْإِبْرَام‏:‏ ‏{‏فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 68‏]‏‏.‏

وَالْإِعْلَام‏:‏ ‏{‏وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 4‏]‏‏.‏

وَالْوَصِيَّة‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وَالْمَوْت‏:‏ ‏{‏فَقَضَى عَلَيْهِ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 15‏]‏‏.‏

وَالنُّزُول‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ‏}‏ ‏[‏سَبَأٍ‏:‏ 14‏]‏‏.‏

وَالْخَلْق‏:‏ ‏{‏فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ‏}‏ ‏[‏فُصِّلَتْ‏:‏ 12‏]‏‏.‏

وَالْفِعْل‏:‏ ‏{‏كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ‏}‏ ‏[‏عَبَسَ‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وَالْعَهْد‏:‏ ‏{‏إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 44‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الذِّكْرُ، وَرَدَ عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

ذِكْرِ اللِّسَان‏:‏ ‏{‏فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 200‏]‏‏.‏

وَذِكْرِ الْقَلْب‏:‏ ‏{‏ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 135‏]‏‏.‏

وَالْحِفْظ‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 63‏]‏‏.‏

وَالطَّاعَةِ وَالْجَزَاء‏:‏ ‏{‏فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 152‏]‏‏.‏

وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْس‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 239‏]‏‏.‏

وَالْعِظَة‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 165‏]‏، ‏{‏وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى‏}‏ ‏[‏الذَّارِيَات‏:‏ 55‏]‏‏.‏

وَالْبَيَان‏:‏ ‏{‏أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 69‏]‏‏.‏

وَالْحَدِيث‏:‏ ‏{‏اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 42‏]‏ أَيْ‏:‏ حَدِّثْهُ بِحَالِي‏.‏

وَالْقُرْآن‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 124‏]‏، ‏{‏مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 2‏]‏‏.‏

وَالتَّوْرَاة‏:‏ ‏{‏فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 43‏]‏‏.‏

وَالْخَبَر‏:‏ ‏{‏سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 83‏]‏‏.‏

وَالشَّرَف‏:‏ ‏{‏وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 44‏]‏‏.‏

وَالْعَيْب‏:‏ ‏{‏أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 36‏]‏‏.‏

وَاللَّوْحِ الْمَحْفُوظ‏:‏ ‏{‏مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 105‏]‏‏.‏

وَالثَّنَاء‏:‏ ‏{‏وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 21‏]‏‏.‏

وَالْوَحْي‏:‏ ‏{‏فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا‏}‏ ‏[‏الصَّافَّات‏:‏ 3‏]‏‏.‏

وَالرَّسُول‏:‏ ‏{‏ذِكْرًا، رَسُولًا‏}‏ ‏[‏الطَّلَاق‏:‏ 10- 11‏]‏‏.‏

وَالصَّلَاة‏:‏ ‏{‏وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ‏}‏ ‏[‏الْعَنْكَبُوت‏:‏ 45‏]‏‏.‏

وَصَلَاةِ الْجُمُعَةَ‏:‏ ‏{‏فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏الْجُمُعَة‏:‏ 9‏]‏‏.‏

وَصَلَاةِ الْعَصْر‏:‏ ‏{‏عَنْ ذِكْرِ رَبِّي‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 32‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الدُّعَاءُ، وَرَدَ عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

الْعِبَادَة‏:‏ ‏{‏وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 106‏]‏‏.‏

وَالِاسْتِعَانَة‏:‏ ‏{‏وَادْعُوَا شُهَدَاءَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وَالسُّؤَال‏:‏ ‏{‏ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏غَافِرٍ‏:‏ 60‏]‏‏.‏

وَالْقَوْل‏:‏ ‏{‏دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 10‏]‏‏.‏

وَالنِّدَاء‏:‏ ‏{‏يَوْمَ يَدْعُوكُمْ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 52‏]‏‏.‏

وَالتَّسْمِيَة‏:‏ ‏{‏لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 63‏]‏‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ‏:‏ الْإِحْصَانُ، وَرَدَ عَلَى أَوْجُهٍ فَى الْقُرْآن‏:‏

الْعِفَّة‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 4‏]‏‏.‏

وَالتَّزَوُّج‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أُحْصِنَّ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 25‏]‏‏.‏

وَالْحُرِّيَّة‏:‏ ‏{‏نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 25‏]‏‏.‏

فَصْلُ ‏[‏فِي ذِكْرِ بَعْضِ الضَّوَابِطِ‏]‏

قَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي كِتَابِ الْأَفْرَادِ‏:‏ كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ ‏(‏الْأَسَفِ‏)‏ فَمَعْنَاهُ الْحُزْنُ إِلَّا‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا آسَفُونَا‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 55‏]‏ فَمَعْنَاهُ أَغْضَبُونَا‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ ‏(‏الْبُرُوجِ‏)‏ فَهِيَ الْكَوَاكِبُ إِلَّا‏:‏ ‏{‏وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 78‏]‏ فَهِيَ الْقُصُورُ الطِّوَالُ الْحَصِينَةُ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ ‏(‏الْبَرِّ وَالْبَحْرِ‏)‏ فَالْمُرَادُ بِالْبَحْرِ الْمَاءُ، وَبِالْبَرِّ التُّرَابُ الْيَابِسُ إِلَّا‏:‏ ‏{‏ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 41‏]‏ فَالْمُرَادُ بِهِ الْبَرِيَّةُ وَالْعُمْرَانُ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏بَخْسٍ‏)‏ فَهُوَ النَّقْصُ، إِلَّا‏:‏ ‏{‏بِثَمَنٍ بَخْسٍ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 20‏]‏ أَيْ‏:‏ حَرَامٍ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنَ ‏(‏الْبَعْلِ‏)‏ فَهُوَ الزَّوْجُ إِلَّا ‏{‏أَتَدْعُونَ بَعْلًا‏}‏ ‏[‏الصَّافَّات‏:‏ 125‏]‏ فَهُوَ‏:‏ الصَّنَمُ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏الْبَكَمِ‏)‏ فَالْخَرَسُ عَنِ الْكَلَامِ بِالْإِيمَانِ، إِلَّا ‏{‏عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا‏}‏ فِي ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 97‏]‏، وَ‏{‏أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ‏}‏ فِي ‏[‏النَّحْل‏:‏ 76‏]‏، فَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَلَامِ مُطْلَقًا‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ ‏(‏جِثِيًّا‏)‏ فَمَعْنَاهُ جَمِيعًا، إِلَّا‏:‏ ‏{‏وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً‏}‏ ‏[‏الْجَاثِيَة‏:‏ 28‏]‏ فَمَعْنَاهُ تَجْثُو عَلَى رُكَبِهَا‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏حُسْبَانٍ‏)‏ فَهُوَ الْعَدَدُ، إِلَّا‏:‏ ‏{‏حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 40‏]‏ فَهُوَ الْعَذَابُ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ ‏(‏حَسْرَةٌ‏)‏ فَالنَّدَامَةُ، إِلَّا ‏{‏لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 156‏]‏ فَمَعْنَاهُ الْحُزْنُ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏الدَّحْضِ‏)‏ فَالْبَاطِلُ، إِلَّا ‏{‏فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ‏}‏ ‏[‏الصَّافَّات‏:‏ 141‏]‏ فَمَعْنَاهُ مِنَ الْمَقْرُوعِينَ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏رِجْزٍ‏)‏ فَالْعَذَابُ إِلَّا‏:‏ ‏{‏وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ‏}‏ ‏[‏الْمُدَّثِّر‏:‏ 5‏]‏ فَالْمُرَادُ بِهِ الصَّنَمُ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏رَيْبٍ‏)‏ فَالشَّكُّ إِلَّا ‏{‏رَيْبَ الْمَنُونِ‏}‏ ‏[‏الطُّور‏:‏ 30‏]‏ يَعْنِي‏:‏ حَوَادِثَ الدَّهْرِ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏الرَّجْمِ‏)‏ فَهُوَ الْقَتْلُ إِلَّا لَأَرْجُمَنَّكَ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 46‏]‏، فَمَعْنَاهُ‏:‏ لَأَشْتُمَنَّكَ وَ‏{‏رَجْمًا بِالْغَيْبِ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 22‏]‏ أَيْ‏:‏ ظَنَّا‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏الزُّورِ‏)‏ فَالْكَذِبُ مَعَ الشِّرْكِ، إِلَّا ‏{‏مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا‏}‏ ‏[‏الْمُجَادَلَة‏:‏ 2‏]‏؛ فَإِنَّهُ كَذِبٌ غَيْرُ الشِّرْكِ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏زَكَاةٍ‏)‏ فَهُوَ الْمَالُ، إِلَّا ‏{‏وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 13‏]‏ أَيْ طُهْرَةً‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنَ ‏(‏الزَّيْغِ‏)‏ فَالْمَيْلُ، إِلَّا ‏{‏وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 10‏]‏ أَيْ شَخَصَتْ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏سَخِرَ‏)‏ فَالِاسْتِهْزَاءُ، إِلَّا سِخْرِيًّا فِي ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 32‏]‏ فَهُوَ مِنَ التَّسْخِيرِ وَالِاسْتِخْدَامِ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏سَكِينَةٍ‏)‏ فِيهِ طُمَأْنِينَةٌ، إِلَّا الَّتِي فِي قِصَّةِ طَالُوتَ فَهُوَ شَيْءٌ كَرَأْسِ الْهِرَّةِ لَهُ جَنَاحَانِ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏سَعِيرٍ‏)‏ فِيهِ فَهُوَ النَّارُ وَالْوَقُودُ، إِلَّا ‏{‏لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ‏}‏ ‏[‏الْقَمَر‏:‏ 47‏]‏ فَهُوَ الْعَنَاءُ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏شَيْطَانٍ‏)‏ فِيهِ فَإِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ، إِلَّا ‏{‏وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 14‏]‏‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏شَهِيدٍ‏)‏ فِيهِ غَيْرُ الْقَتْلَى فَمَنْ يَشْهَدُ فِي أُمُورِ النَّاسِ، إِلَّا ‏{‏وَادْعُوَا شُهَدَاءَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 23‏]‏ فَهُوَ شُرَكَاؤُكُمْ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ ‏(‏أَصْحَابِ النَّارِ‏)‏ فَأَهْلُهَا إِلَّا ‏{‏وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً‏}‏ ‏[‏الْمُدَّثِّر‏:‏ 31‏]‏ فَالْمُرَادُ خَزَنَتُهَا‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏صَلَاةٍ‏)‏ فِيهِ عِبَادَةٌ وَرَحْمَةٌ، إِلَّا ‏{‏وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ‏}‏ ‏[‏الْحَجّ‏:‏ 40‏]‏ فَهِيَ الْأَمَاكِنُ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏صَمَمٌ‏)‏ فِيهِ، فَفِي سَمَاعِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ خَاصَّةً، إِلَّا الَّذِي فِي الْإِسْرَاءِ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏عَذَابٍ‏)‏ فِيهِ فَالتَّعْذِيبُ، إِلَّا‏:‏ ‏{‏وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 2‏]‏ فَهُوَ الضَّرْبُ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏قُنُوتٍ‏)‏ فِيهِ طَاعَةٌ، إِلَّا‏:‏ ‏{‏كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 116‏]‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 26‏]‏ فَمَعْنَاهُ‏:‏ مُقِرُّونَ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏كَنْزٍ‏)‏ فِيهِ مَالٌ، إِلَّا الَّذِي فِي الْكَهْفِ فَهُوَ صَحِيفَةُ عِلْمٍ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏مِصْبَاحٍ‏)‏ فِيهِ كَوْكَبٌ، إِلَّا الَّذِي فِي النُّورِ فَالسِّرَاجُ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏نِكَاحٍ‏)‏ فِيهِ تَزَوُّجٌ، إِلَّا ‏{‏حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 6‏]‏ فَهُوَ الْحُلُمُ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏نَبَأٍ‏)‏ فِيهِ خَبَرٌ، إِلَّا‏:‏ ‏{‏فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 60‏]‏ فَهِيَ الْحُجَجُ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏وُرُودٍ‏)‏ فِيهِ دُخُولٌ، إِلَّا‏:‏ ‏{‏وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ‏}‏ ‏[‏الْقَصَص‏:‏ 23‏]‏ يَعْنِي‏:‏ هَجَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدْخُلْهُ‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنْ‏:‏ ‏{‏لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 286‏]‏ فَالْمُرَادُ مِنَ الْعَمَلِ، إِلَّا الَّتِي فِي الطَّلَاقِ فَالْمُرَادُ مِنَ النَّفَقَةِ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏يَأْسٍ‏)‏ فِيهِ قُنُوطٌ، إِلَّا الَّتِي فِي الرَّعْدِ فَمِنَ الْعِلْمِ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏صَبْرٍ‏)‏ فِيهِ مَحْمُودٌ، إِلَّا ‏{‏لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا‏}‏ ‏[‏الْفُرْقَان‏:‏ 42‏]‏، ‏{‏وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 6‏]‏‏.‏

هَذَا آخِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ كُلُّ ‏(‏صَوْمٍ‏)‏ فِيهِ فَمِنَ الْعِبَادَةِ، إِلَّا ‏{‏نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 26‏]‏ أَيْ‏:‏ صَمْتًا‏.‏

وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنَ ‏(‏الظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ‏)‏ فَالْمُرَادُ الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ، إِلَّا الَّتِي فِي أَوَّلِ الْأَنْعَامِ، فَالْمُرَادُ‏:‏ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَنُورُ النَّهَارِ‏.‏

وَكُلُّ ‏(‏إِنْفَاقٍ‏)‏ فِيهِ فَهُوَ الصَّدَقَةُ، إِلَّا ‏{‏فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا‏}‏ ‏[‏الْمُمْتَحِنَة‏:‏ 11‏]‏، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَهْرُ‏.‏

وَقَالَ الدَّانِيُّ‏:‏ كُلُّ مَا فِيهِ مِنَ ‏(‏الْحُضُورِ‏)‏- بِالضَّادِ- فَهُوَ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ إِلَّا مَوْضِعًا وَاحِدًا، فَإِنَّهُ بِالظَّاءِ مِنَ الِاحْتِظَارِ وَهُوَ الْمَنْعُ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ‏}‏ ‏[‏الْقَمَر‏:‏ 31‏]‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْه‏:‏ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏بَعْدَ‏)‏ بِمَعْنَى ‏(‏قَبْلَ‏)‏ إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 105‏]‏‏.‏

قَالَ مُغَلْطَايْ فِي كِتَابِ الْمُيَسَّرِ‏:‏ قَدْ وَجَدْنَا حَرْفًا آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا‏}‏ ‏[‏النَّازِعَات‏:‏ 30‏]‏‏.‏

قَالَ أَبُو مُوسَى فِي كِتَابِ الْمُغِيثِ‏:‏ مَعْنَاهُ هُنَا‏:‏ قَبْلَ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ، فَعَلَى هَذَا خَلْقُ الْأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

قُلْتُ‏:‏ قَدْ تَعَرَّضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ‏.‏

فَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «كُلُّ حَرْفٍ فِي الْقُرْآنِ يُذْكَرُ فِيهِ الْقُنُوتُ فَهُوَ الطَّاعَةُ»‏.‏ هَذَا إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَابْنُ حِبَّانَ يُصَحِّحُهُ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏أَلِيمٌ‏)‏ فَهُوَ الْمُوجِعُ‏.‏

وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏قُتِلَ‏)‏ فَهُوَ لُعِنَ‏.‏

وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ ‏(‏الرِّجْزِ‏)‏ يَعْنِي بِهِ الْعَذَابَ‏.‏

وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ‏:‏ حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ ‏(‏تَسْبِيحٍ‏)‏ فِي الْقُرْآنِ صَلَاةٌ، وَكُلُّ ‏(‏سُلْطَانٍ‏)‏ فِي الْقُرْآنِ حُجَّةٌ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏الدِّينُ‏)‏ فَهُوَ الْحِسَابُ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ رَيْبٍ شَكٌّ إِلَّا مَكَانًا وَاحِدًا، فِي الطُّورِ ‏{‏رَيْبَ الْمَنُونِ‏}‏ ‏[‏الْآيَةَ‏:‏ 30‏]‏ يَعْنِي حَوَادِثَ الْأُمُورِ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ مِنَ ‏(‏الرِّيَاحِ‏)‏ فَهِيَ رَحْمَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِيهِ مِنَ ‏(‏الرِّيحِ‏)‏ فَهُوَ عَذَابٌ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ‏:‏ كُلُّ ‏(‏كَأْسٍ‏)‏ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ إِنَّمَا عَنَى بِهِ الْخَمْرَ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْهُ قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏فَاطِرٌ‏)‏ فَهُوَ خَالِقٌ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏إِفْكٌ‏)‏ فَهُوَ كَذِبٌ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ‏:‏ كُلُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَهُوَ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ‏:‏ كُلُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ يُذْكَرُ فِيهَا ‏(‏حِفْظُ الْفَرْجِ‏)‏ فَهُوَ مِنَ الزِّنَى، إِلَّا قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 30‏]‏ فَالْمُرَادُ أَلَّا يَرَاهَا أَحَدٌ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏إِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ‏)‏ إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الْكُفَّارَ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏خُلُودٌ‏)‏ فَإِنَّهُ لَا تَوْبَةَ لَهُ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏يَقْدِرُ‏)‏ فَمَعْنَاهُ يُقِلُّ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْهُ قَالَ‏:‏ ‏(‏التَّزَكِّي‏)‏ فِي الْقُرْآنِ كُلُّهُ إِسْلَامٌ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ‏:‏ ‏(‏وَرَاءَ‏)‏ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏أَمَامَ‏)‏ كُلُّهُ، غَيْرَ حَرْفَيْنِ ‏{‏فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 7‏]‏ يَعْنِي‏:‏ سِوَى ذَلِكَ، ‏{‏وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 24‏]‏، يَعْنِي‏:‏ سِوَى ذَلِكُمْ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ‏:‏ مَا كَانَ ‏(‏كِسْفًا‏)‏ فَهُوَ عَذَابٌ، وَمَا كَانَ ‏(‏كِسَفًا‏)‏ فَهُوَ قِطَعُ السَّحَابِ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ‏:‏ مَا صَنَعَ اللَّهُ فَهُوَ ‏(‏السُّدُّ‏)‏ مَا صَنَعَ النَّاسُ فَهُوَ ‏(‏السَّدُّ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏جَعَلَ‏)‏ فَهُوَ خَلَقَ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ ‏(‏الْمُبَاشَرَةُ‏)‏ فِي كُلِّ كِتَابِ اللَّهِ الْجِمَاعُ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏فَاسِقٌ‏)‏ فَهُوَ كَاذِبٌ، إِلَّا قَلِيلًا‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ‏:‏ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏حَنِيفًا‏)‏ مُسْلِمًا، وَمَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏حُنَفَاءَ‏)‏ مُسْلِمِينَ حُجَّاجًا‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ ‏(‏الْعَفْوُ‏)‏ فِي الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءٍ‏:‏ نَحْوُ تَجَاوُزٍ عَنِ الذَّنْبِ، وَنَحْوٌ فِي الْقَصْدِ فِي النَّفَقَة‏:‏ ‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 219‏]‏ وَنَحْوٌ فِي الْإِحْسَانِ فِيمَا بَيْنَ النَّاس‏:‏ ‏{‏إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 237‏]‏‏.‏

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ‏:‏ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ‏:‏ مَا سَمَّى اللَّهُ الْمَطَرَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا عَذَابًا، وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْغَيْثَ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ اسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ‏:‏ ‏{‏إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 102‏]‏ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغَيْثُ قَطْعًا‏.‏

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ‏:‏ إِذَا كَانَ فِي الْعَذَابِ فَهُوَ أَمْطَرَتْ، وَإِذَا كَانَ فِي الرَّحْمَةِ فَهُوَ مَطَرَتْ‏.‏

فَرْعٌ‏:‏

أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ‏:‏ قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ احْفَظْ عَنِّي كُلَّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏{‏وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 74‏]‏ فَهُوَ لِلْمُشْرِكِينَ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَمَا أَكْثَرَ أَنْصَارَهُمْ وَشُفَعَاءَهُمْ‏.‏

وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ طَعَامٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ نِصْفُ صَاعٍ‏.‏

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏قَلِيلٌ‏)‏ وَ‏(‏إِلَّا قَلِيلٌ‏)‏ فَهُوَ دُونَ الْعَشَرَةِ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ‏:‏ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ‏{‏عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 92‏]‏، ‏{‏حَافَظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 238‏]‏، فَهُوَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآن‏:‏ ‏(‏وَمَا يُدْرِيكَ‏)‏ فَلَمْ يُخْبِرْ بِهِ ‏(‏وَمَا أَدْرَاكَ‏)‏ فَقَدْ أَخْبَرَ بِهِ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْهُ قَالَ‏:‏ كُلُّ ‏(‏مَكْرٍ‏)‏ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ عَمَلٌ‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏قُتِلَ‏)‏، ‏(‏لُعِنَ‏)‏ فَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ الْكَافِرُ‏.‏

وَقَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ‏:‏ قِيلَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ اللَّهُ بِقَوْلِه‏:‏ ‏(‏وَمَا أَدْرَاكَ‏)‏ فَسَّرَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ بِقَوْلِه‏:‏ ‏(‏وَمَا يُدْرِيكَ‏)‏ تَرَكَهُ‏.‏ وَقَدْ ذَكَرَ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ‏}‏ ‏[‏الْمُطَفِّفِينَ‏:‏ 8‏]‏، ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ‏}‏ ‏[‏الْمُطَفِّفِينَ‏:‏ 19‏]‏، ثُمَّ فَسَّرَ الْكِتَابَ، لَا السِّجِّينُ وَلَا الْعِلِّيُّونَ‏.‏ وَفِي ذَلِكَ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ‏.‏ انْتَهَى‏.‏ وَلَمْ يَذْكُرْهَا‏.‏

وَبَقِيَتْ أَشْيَاءُ تَأْتِي فِي النَّوْعِ الَّذِي يَلِي هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-‏.‏

النَّوْعُ الْأَرْبَعُونَ‏:‏ فِي مَعْرِفَةِ الْأَدَوَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْمُفَسِّرُ

وَأَعْنِي بِالْأَدَوَاتِ الْحُرُوفَ وَمَا شَاكَلَهَا مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ وَالظُّرُوفِ‏.‏ اعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْمَطْلُوبَةِ لِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا، وَلِهَذَا يَخْتَلِفُ الْكَلَامُ وَالِاسْتِنْبَاطُ بِحَسَبِهَا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ‏}‏ ‏[‏سَبَأٍ‏:‏ 24‏]‏ فَاسْتُعْمِلَتْ ‏(‏عَلَى‏)‏ فِي جَانِبِ الْحَقِّ، وَ‏(‏فِي‏)‏ فِي جَانِبِ الضَّلَالِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ كَأَنَّهُ مُسْتَعْلٍ يَصْرِفُ نَظَرَهُ كَيْفَ شَاءَ، وَصَاحِبَ الْبَاطِلِ كَأَنَّهُ مُنْغَمِسٌ فِي ظَلَامٍ مُنْخَفِضٍ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ‏.‏

وَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 19‏]‏ عَطَفَ عَلَى الْجُمَلِ الْأُوَلِ بِالْفَاءِ وَالْأَخِيرَةِ بِالْوَاوِ، لَمَّا انْقَطَعَ نِظَامُ التَّرَتُّبِ‏;‏ لِأَنَّ التَّلَطُّفَ غَيْرُ مُرَتَّبٍ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالطَّعَامِ، كَمَا كَانَ الْإِتْيَانُ بِهِ مُتَرَتِّبًا عَلَى النَّظَرِ فِيهِ، وَالنَّظَرُ فِيهِ مُتَرَتِّبًا عَلَى التَّوَجُّهِ فِي طَلَبِهِ، وَالتَّوَجُّهُ فِي طَلَبِهِ مُتَرَتِّبًا عَلَى قَطْعِ الْجِدَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ مُدَّةِ اللَّبْثِ وَتَسْلِيمِ الْعِلْمِ لَهُ تَعَالَى‏.‏

وَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 60‏]‏‏.‏ عَدَلَ عَنِ اللَّامِ إِلَى ‏(‏فِي‏)‏ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إِيذَانًا إِلَى أَنَّهُمْ أَكْثَرُ اسْتِحْقَاقًا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِمْ بِمَنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ بِاللَّامِ؛ لِأَنَّ ‏(‏فِي‏)‏ لِلْوِعَاءِ، فَنَبَّهَ بِاسْتِعْمَالِهَا عَلَى أَنَّهُمْ أَحِقَّاءُ بِأَنْ يُجْعَلُوا مَظِنَّةً لِوَضْعِ الصَّدَقَاتِ فِيهِمْ، كَمَا يُوضَعُ الشَّيْءُ فِي وِعَائِهِ مُسْتَقِرًّا فِيهِ‏.‏

وَقَالَ الْفَارِسِيُّ‏:‏ إِنَّمَا قَالَ‏:‏ وَفِي الرِّقَابِ، وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ وَلِلرِّقَابِ، لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ‏.‏

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَالَ‏:‏ ‏{‏عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ‏}‏ ‏[‏الْمَاعُون‏:‏ 5‏]‏ وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ فِي صَلَاتِهِمْ‏.‏

وَسَيَأْتِي ذِكْرُ كَثِيرٍ مِنْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ‏.‏

وَهَذَا سَرْدُهَا مُرَتَّبَةً عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، وَقَدْ أَفْرَدَ هَذَا النَّوْعَ بِالتَّصْنِيفِ خَلَائِقُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ كَالْهَرَوِيِّ فِي الْأُزْهِيَةِ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ أُمِّ قَاسِمٍ فِي الْجَنَى الدَّانِي‏.‏

‏[‏الْهَمْزَةُ‏]‏

الْهَمْزَةُ تَأْتِي عَلَى وَجْهَيْن‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ الِاسْتِفْهَامُ، وَحَقِيقَتُهُ طَلَبُ الْإِفْهَامِ، وَهِيَ أَصْلُ أَدَوَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّتْ بِأُمُورٍ‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ جَوَازُ حَذْفِهَا، كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالْخَمْسِينَ‏.‏

ثَانِيهَا‏:‏ أَنَّهَا تَرِدُ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ، بِخِلَافِ ‏(‏هَلْ‏)‏، فَإِنَّهَا لِلتَّصْدِيقِ خَاصَّةً، وَسَائِرُ الْأَدَوَاتِ لِلتَّصَوُّرِ خَاصَّةً‏.‏‏:‏

ثَالِثُهَا‏:‏ أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْإِثْبَاتِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 2‏]‏، ‏{‏آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 143‏]‏ وَعَلَى النَّفْيِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ نَشْرَحْ‏}‏ ‏[‏الشَّرْح‏:‏ 1‏]‏ وَتُفِيدُ حِينَئِذٍ مَعْنَيَيْن‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ التَّذَكُّرُ وَالتَّنْبِيهُ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ‏}‏ ‏[‏الْفُرْقَان‏:‏ 45‏]‏‏.‏

وَالْآخَرُ‏:‏ التَّعَجُّبُ مِنَ الْأَمْرِ الْعَظِيمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 243‏]‏ وَفِي كِلَا الْحَالَيْنِ هِيَ تَحْذِيرٌ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ‏}‏ ‏[‏الْمُرْسَلَات‏:‏ 16‏]‏‏:‏‏.‏

رَابِعُهَا‏:‏ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعَاطِفِ تَنْبِيهًا عَلَى أَصَالَتِهَا فِي التَّصْدِيرِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 100‏]‏، ‏{‏أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 97‏]‏، ‏{‏أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 51‏]‏ وَسَائِرُ أَخَوَاتِهَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، كَمَا هُوَ قِيَاسُ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ، نَحْوَ‏:‏ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ ‏[‏الْمُزَّمِّل‏:‏ 17‏]‏ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ‏[‏التَّكْوِير‏:‏ 26‏]‏ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 95‏]‏ فَهَلْ يُهْلَكُ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 35‏]‏ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 81‏]‏، ‏{‏فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 88‏]‏‏.‏‏:‏

خَامِسُهَا‏:‏ أَنَّهُ لَا يُسْتَفْهَمُ بِهَا حَتَّى يَهْجِسَ فِي النَّفْسِ إِثْبَاتُ مَا يُسْتَفْهَمُ عَنْهُ، بِخِلَافِ ‏(‏هَلْ‏)‏ فَإِنَّهُ لِمَا لَا يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ فِيهِ نَفْيٌ وَلَا إِثْبَاتٌ‏.‏ حَكَاهُ أَبُو حَيَّانَ عَنْ بَعْضِهِمْ‏.‏‏:‏

سَادِسُهَا‏:‏ أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الشَّرْطِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 34‏]‏، ‏{‏أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 144‏]‏ بِخِلَافِ غَيْرِهَا‏.‏‏:‏

وَتَخْرُجُ عَنِ الِاسْتِفْهَامِ الْحَقِيقِيِّ، فَتَأْتِي لِمَعَانٍ تُذْكَرُ فِي النَّوْعِ السَّابِعِ وَالْخَمْسِينَ‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

إِذَا دَخَلَتْ عَلَى ‏(‏رَأَيْتَ‏)‏ امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ أَوِ الْقَلْبِ، وَصَارَ بِمَعْنَى ‏(‏أَخْبِرْنِي‏)‏ وَقَدْ تُبَدَّلُ ‏(‏هَاءً‏)‏ وَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ ‏(‏هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ‏)‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 66‏]‏ بِالْقَصْرِ، وَقَدْ تَقَعُ فِي الْقَسَمِ، وَمِنْهُ مَا قُرِئَ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 106‏]‏‏:‏ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةً ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 106‏]‏ بِالتَّنْوِينِ ‏(‏آللَّهِ‏)‏ بِالْمَدِّ‏.‏

الثَّانِي مِنْ وَجْهَيِ الْهَمْزَة‏:‏ أَنْ تَكُونَ حَرْفًا يُنَادَى بِهِ الْقَرِيبُ، وَجَعَلَ مِنْهُ الْفَرَّاءُ قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَمَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا‏}‏ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 9‏]‏ عَلَى قِرَاءَةِ تَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ‏:‏ صَاحِبُ هَذِهِ الصِّفَاتِ‏.‏

قَالَ هِشَامٌ‏:‏ وَيُبْعِدُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّنْزِيلِ نِدَاءٌ بِغَيْرِ ‏(‏يَاءٍ‏)‏ وَيُقَرِّبُهُ سَلَامَتُهُ مِنْ دَعْوَى الْمَجَازِ، إِذْ لَا يَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ مِنْهُ تَعَالَى عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَمِنْ دَعْوَى كَثْرَةِ الْحَذْفِ، إِذِ التَّقْرِيرُ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهَا لِلِاسْتِفْهَام‏:‏ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الْكَافِرُ‏.‏ أَيْ‏:‏ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا‏}‏ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 8‏]‏ فَحُذِفَ شَيْئَان‏:‏ مُعَادِلُ الْهَمْزَةِ وَالْخَبَرُ‏.‏

‏[‏أَحَدٌ‏]‏

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الزِّينَةِ‏:‏ هُوَ اسْمٌ أَكْمَلُ مِنَ الْوَاحِدِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ‏:‏ فُلَانٌ لَا يَقُومُ لَهُ وَاحِدٌ، جَازَ فِي الْمَعْنَى أَنْ يَقُومَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ، بِخِلَافِ قَوْلِكَ‏:‏ لَا يَقُومُ لَهُ أَحَدٌ‏.‏

وَفِي الْأَحَدِ خُصُوصِيَّةٌ لَيْسَتْ فِي الْوَاحِدِ؛ تَقُولُ‏:‏ لَيْسَ فِي الدَّارِ وَاحِدٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالْوَحْشِ وَالْإِنْسِ، فَيَعُمُّ النَّاسَ وَغَيْرَهُمْ، بِخِلَافِ لَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ، فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْآدَمِيِّينَ دُونَ غَيْرِهِمْ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَيَأْتِي الْأَحَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَبِمَعْنَى الْوَاحِدِ، فَيُسْتَعْمَلُ فِي الْإِثْبَاتِ وَفِي النَّفْيِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ ‏[‏الْإِخْلَاص‏:‏ 1‏]‏ أَيْ‏:‏ وَاحِدٌ، وَأَوَّلٌ‏:‏ ‏{‏فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 19‏]‏، وَبِخِلَافِهِمَا فَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي النَّفْيِ، تَقُولُ مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ، وَمِنْهُ‏:‏ ‏{‏أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ‏}‏ ‏[‏الْبَلَد‏:‏ 5‏]‏ وَ‏{‏أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ‏}‏ ‏[‏الْبَلَد‏:‏ 7‏]‏، ‏{‏فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ‏}‏ ‏[‏الْحَاقَّة‏:‏ 47‏]‏، ‏{‏وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 84‏]‏، وَوَاحِدٌ يُسْتَعْمَلُ فِيهَا مُطْلَقًا‏.‏

وَأَحَدٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 32‏]‏ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ، فَلَا يُقَالُ كَوَاحِدٍ مِنَ النِّسَاءِ، بَلْ كَوَاحِدَةٍ، وَأَحَدٌ يَصْلُحُ لِلْإِفْرَادِ وَالْجَمْعِ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَلِهَذَا وَصْفُ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ‏}‏ ‏[‏الْحَاقَّة‏:‏ 47‏]‏ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ‏.‏

وَالْأَحَدُ لَهُ جَمْعٌ مِنْ لَفْظِهِ، وَهُوَ الْأَحَدُونَ وَالْآحَادُ، وَلَيْسَ لِلْوَاحِدِ جَمْعٌ مِنْ لَفْظِهِ، فَلَا يُقَالُ‏:‏ وَاحِدُونَ، بَلِ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ‏.‏

وَالْأَحَدُ مُمْتَنِعُ الدُّخُولِ فِي الضَّرْبِ وَالْعَدَدِ وَالْقِسْمَةِ وَفِي شَيْءٍ مِنَ الْحِسَابِ، بِخِلَافِ الْوَاحِدِ‏.‏ انْتَهَى مُلَخَّصًا‏.‏ وَقَدْ تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ بَيْنَهُمَا سَبْعَةُ فُرُوقٍ‏.‏

وَفِي أَسْرَارِ التَّنْزِيلِ لِلْبَارِزِيِّ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاص‏:‏ فَإِنْ قِيلَ‏:‏ الْمَشْهُورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ الْأَحَدَ يُسْتَعْمَلُ بَعْدَ النَّفْيِ، وَالْوَاحِدَ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ، فَكَيْفَ جَاءَ ‏(‏أَحَدٌ‏)‏ هُنَا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ‏؟‏

قُلْنَا‏:‏ قَدِ اخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِمَكَانٍ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ ‏(‏أَحَدٍ‏)‏ فِي النَّفْيِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعُدُولُ هُنَا عَنِ الْغَالِبِ رِعَايَةً لِلْفَوَاصِلِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

وَقَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ‏:‏ أَحَدٌ يُسْتَعْمَلُ عَلَى ضَرْبَيْن‏:‏ أَحَدُهُمَا فِي النَّفْيِ فَقَطْ، وَالْآخَرُ فِي الْإِثْبَاتِ‏.‏

فَالْأَوَّلُ لِاسْتِغْرَاقِ جِنْسِ النَّاطِقِينَ، وَيَتَنَاوَلُ الْكَثِيرَ وَالْقَلِيلَ، وَلِذَلِكَ صَحَّ أَنْ يُقَالَ‏:‏ مَا مِنْ أَحَدٍ فَاضِلِينَ‏.‏ كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ‏}‏ ‏[‏الْحَاقَّة‏:‏ 47‏]‏‏.‏

وَالثَّانِي، عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْعَدَدِ مَعَ الْعَشَرَاتِ نَحْوَ‏:‏ أَحَدَ عَشَرَ، أَحَدٍ وَعِشْرِينَ‏.‏‏:‏

وَالثَّانِي‏:‏ الْمُسْتَعْمَلُ مُضَافًا إِلَيْهِ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 41‏]‏‏.‏

وَالثَّالِثُ‏:‏ الْمُسْتَعْمَلُ وَصْفًا مُطْلَقًا، وَيَخْتَصُّ بِوَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ ‏[‏الْإِخْلَاص‏:‏ 1‏]‏ وَأَصْلُهُ وَحَدٌ، إِلَّا أَنَّ وَحَدًا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

‏[‏إِذْ‏]‏

تَرِدُ عَلَى أَوْجُهٍ‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ أَنْ تَكُونَ اسْمًا لِلزَّمَنِ الْمَاضِي وَهُوَ الْغَالِبُ، ثُمَّ قَالَ الْجُمْهُورُ لَا تَكُونُ إِلَّا ظَرْفًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 40‏]‏، أَوْ مُضَافًا إِلَيْهَا الظَّرْفُ، نَحْوَ‏:‏ إِذْ هَدَيْتَنَا ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 8‏]‏ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ ‏[‏الزَّلْزَلَة‏:‏ 4‏]‏، ‏{‏وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ‏}‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 84‏]‏‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُمْ تَكُونُ مَفْعُولًا بِهِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 86‏]‏ وَكَذَا الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَائِلِ الْقَصَصِ كُلُّهَا مَفْعُولٌ بِهِ بِتَقْدِير‏:‏ ‏(‏اذْكُرْ‏)‏‏.‏

وَبَدَلًا مِنْهُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 16‏]‏؛ فَإِذْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ مَرْيَمَ، عَلَى حَدِّ الْبَدَلِ فِي ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 217‏]‏، ‏{‏اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 20‏]‏ أَيْ‏:‏ اذْكُرُوا النِّعْمَةَ الَّتِي هِيَ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ، فَهِيَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ، وَالْجُمْهُورُ يَجْعَلُونَهَا فِي الْأَوَّلِ ظَرْفًا لِمَفْعُولٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ‏:‏ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا‏.‏ وَفِي الثَّانِي ظَرْفًا لِمُضَافٍ إِلَى الْمَفْعُولِ مَحْذُوفٍ، أَيْ‏:‏ وَاذْكُرْ قِصَّةَ مَرْيَمَ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 103‏]‏‏.‏

وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّهَا تَكُونُ مُبْتَدَأً، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ بَعْضِهِمْ‏:‏ ‏(‏لِمَنْ مَنِّ اللَّهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏)‏ قَالَ‏:‏ التَّقْدِيرُ‏:‏ ‏(‏مَنُّهُ إِذْ بَعَثَ‏)‏ فَإِذْ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ، كَإِذَا فِي قَوْلِكَ‏:‏ أَخْطُبُ مَا يَكُونُ الْأَمِيرُ إِذَا كَانَ قَائِمًا، أَيْ‏:‏ لِمَنْ مَنِّ اللَّهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَقْتَ بَعْثِهِ‏.‏ انْتَهَى‏.‏ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ‏:‏ وَلَا نَعْلَمُ بِذَلِكَ قَائِلًا‏.‏

وَذَكَرَ كَثِيرٌ أَنَّهَا تَخْرُجُ عَنِ الْمُضِيِّ إِلَى الِاسْتِقْبَالِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا‏}‏ ‏[‏الزَّلْزَلَة‏:‏ 4‏]‏، وَالْجُمْهُورُ أَنْكَرُوا ذَلِكَ، وَجَعَلُوا الْآيَةَ مِنْ بَاب‏:‏ ‏{‏وَنُفِخَ فِي الصُّورِ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 99‏]‏، أَعْنِي مِنْ تَنْزِيلِ الْمُسْتَقْبَلِ الْوَاجِبِ الْوُقُوعِ مَنْزِلَةَ الْمَاضِي الْوَاقِعِ‏.‏

وَاحْتَجَّ الْمُثْبِتُونَ- مِنْهُمُ ابْنُ مَالِكٍ- بِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ‏}‏ ‏[‏غَافِرٍ‏:‏ 70،- 71‏]‏ فَإِنَّ ‏(‏يَعْلَمُونَ‏)‏ مُسْتَقْبَلٌ لَفْظًا وَمَعْنًى، لِدُخُولِ حَرْفِ التَّنْفِيسِ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَمِلَ فِي ‏(‏إِذْ‏)‏ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ ‏(‏إِذَا‏)‏‏.‏

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تَأْتِي فِي الْحَالِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 61‏]‏ أَيْ‏:‏ حِينَ تُفِيضُونَ فِيهِ‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ‏:‏ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏إِنْ‏)‏ بِكَسْرِ الْأَلِفِ فَلَمْ يَكُنْ، وَمَا كَانَ ‏(‏إِذْ‏)‏ فَقَدْ كَانَ‏.‏

الْوَجْهُ الثَّانِي‏:‏ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 39‏]‏ أَيْ‏:‏ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ اشْتِرَاكُكُمْ فِي الْعَذَابِ، لِأَجْلِ ظُلْمِكُمْ فِي الدُّنْيَا‏.‏

وَهَلْ هِيَ حَرْفٌ بِمَنْزِلَةِ لَامِ الْعِلَّةِ، أَوْ ظَرْفٌ بِمَعْنَى وَقْتٍ، وَالتَّعْلِيلُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قُوَّةِ الْكَلَامِ لَا مِنَ اللَّفْظِ‏؟‏ قَوْلَانِ، الْمَنْسُوبُ إِلَى سِيبَوَيْهِ الْأَوَّلُ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِي‏:‏ فِي الْآيَةِ إِشْكَالٌ؛ لِأَنَّ ‏(‏إِذْ‏)‏ لَا تُبْدَلُ مِنَ الْيَوْمِ لِاخْتِلَافِ الزَّمَانَيْنِ وَلَا تَكُونُ ظَرْفًا لِـ ‏(‏يَنْفَعَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فِي ظَرْفَيْنِ، وَلَا لِـ ‏(‏مُشْتَرِكُونَ‏)‏؛ لِأَنَّ مَعْمُولَ خَبَرِ ‏(‏إِنَّ‏)‏ وَأَخَوَاتِهَا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ مَعْمُولَ الصِّلَةِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْصُولِ، وَلِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، لَا فِي زَمَنِ ظُلْمِهِمْ‏.‏

وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى التَّعْلِيل‏:‏ ‏{‏وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ‏}‏ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 11‏]‏، ‏{‏وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 16‏]‏ وَأَنْكَرَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْقِسْمِ، وَقَالُوا‏:‏ التَّقْدِيرُ‏:‏ ‏(‏بَعْدَ إِذْ ظَلَمْتُمْ‏)‏‏.‏

وَقَالَ ابْنُ جِنِّي‏:‏ رَاجَعْتُ أَبَا عَلِيٍّ مِرَارًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ‏}‏ الْآيَةَ، مُسْتَشْكِلًا إِبْدَالَ ‏(‏إِذْ‏)‏ مِنَ ‏(‏الْيَوْمِ‏)‏، وَآخِرُ مَا تَحَصَّلَ مِنْهُ‏:‏ أَنَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ مُتَّصِلَتَانِ، وَأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ اللَّهِ سَوَاءٌ فَكَأَنَّ الْيَوْمَ مَاضٍ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

الْوَجْهُ الثَّالِثُ‏:‏ التَّوْكِيدُ، بِأَنْ تُحْمَلَ عَلَى الزِّيَادَةِ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَحَمَلَا عَلَيْهِ آيَاتٍ مِنْهَا‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 30‏]‏‏.‏

الرَّابِعُ‏:‏ التَّحْقِيقُ كَقَدْ، وَحُمِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ‏.‏ وَجَعَلَ مِنْهُ السُّهَيْلِيُّ قوله‏:‏ ‏{‏بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 80‏]‏، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ‏:‏ وَلَيْسَ الْقَوْلَانِ بِشَيْءٍ‏.‏

مَسْأَلَةٌ‏:‏

تَلْزَمُ ‏(‏إِذْ‏)‏ الْإِضَافَةَ إِلَى جُمْلَةٍ‏:‏ إِمَّا اسْمِيَّةٍ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 26‏]‏ أَوْ فِعْلِيَّةٍ فِعْلُهَا مَاضٍ لَفْظًا وَمَعْنًى، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 30‏]‏، ‏{‏وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 124‏]‏‏.‏ أَوْ مَعْنًى لَا لَفْظًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 37‏]‏ وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الثَّلَاثَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 40‏]‏‏.‏ وَقَدْ تُحْذَفُ الْجُمْلَةُ لِلْعِلْمِ بِهَا، وَيُعَوَّضُ عَنْهَا التَّنْوِينُ، وَتُكْسَرُ الذَّالُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 4‏]‏‏.‏ ‏{‏وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ‏}‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 84‏]‏‏.‏

وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ أَنَّ ‏(‏إِذْ‏)‏ فِي ذَلِكَ مُعْرَبَةٌ، لِزَوَالِ افْتِقَارِهَا إِلَى الْجُمْلَةِ، وَأَنَّ الْكَسْرَةَ إِعْرَابٌ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ وَالْحِينَ مُضَافَانِ إِلَيْهَا‏.‏ وَرُدَّ بِأَنَّ بِنَاءَهَا لِوَضْعِهَا عَلَى حَرْفَيْنِ، وَبِأَنَّ الِافْتِقَارَ بَاقٍ فِي الْمَعْنَى، كَالْمَوْصُولِ تُحْذَفُ صِلَتُهُ‏.‏

‏[‏إِذَا‏]‏

عَلَى وَجْهَيْن‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ أَنْ تَكُونَ لِلْمُفَاجَأَةِ، فَتَخْتَصُّ بِالْجُمَلِ الِاسْمِيَّةِ، وَلَا تَحْتَاجُ لِجَوَابٍ، وَلَا تَقَعُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَمَعْنَاهَا الْحَالُ لَا الِاسْتِقْبَالُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى‏}‏ ‏[‏طَهَ‏:‏ 20‏]‏، ‏{‏فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 23‏]‏، ‏{‏وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 21‏]‏‏.‏

قَالَ ابْنُ الْحَاجِب‏:‏ وَمَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ حُضُورُ الشَّيْءِ مَعَكَ فِي وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِكَ الْفِعْلِيَّةِ، تَقُولُ‏:‏ خَرَجْتُ فَإِذَا الْأَسَدُ بِالْبَابِ، فَمَعْنَاهُ حُضُورُ الْأَسَدِ مَعَكَ فِي زَمَنِ وَصْفِكَ بِالْخُرُوجِ أَوْ فِي مَكَانِ خُرُوجِكَ‏.‏ وَحُضُورُهُ مَعَكَ فِي مَكَانِ خُرُوجِكَ أَلْصَقُ بِكَ مِنْ حُضُورِهِ فِي خُرُوجِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ يَخُصُّكَ دُونَ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَكُلَّمَا كَانَ أَلْصَقَ كَانَتِ الْمُفَاجَأَةُ فِيهِ أَقْوَى‏.‏

وَاخْتُلِفَ فِي ‏(‏إِذَا‏)‏ هَذِه‏:‏

فَقِيلَ‏:‏ إِنَّهَا حَرْفٌ، وَعَلَيْهِ الْأَخْفَشُ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ ظَرْفُ مَكَانٍ، وَعَلَيْهِ الْمُبَرِّدُ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ ظَرْفُ زَمَانٍ، وَعَلَيْهِ الزَّجَّاجُ وَرَجَّحَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَزَعَمَ أَنَّ عَامِلَهَا فِعْلٌ مُقَدَّرٌ مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الْمُفَاجَأَةِ‏.‏

قَالَ‏:‏ التَّقْدِيرُ‏:‏ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ فَاجَأْتُمُ الْخُرُوجَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ‏.‏ ثُمَّ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ‏:‏ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ نَاصِبُهَا عِنْدَهُمُ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ أَوِ الْمُقَدَّرُ، قَالَ‏:‏ وَلَمْ يَقَعِ الْخَبَرُ مَعَهَا فِي التَّنْزِيلِ إِلَّا مُصَرَّحًا بِهِ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ الْمُفَاجَأَةِ، فَالْغَالِبُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا لِلْمُسْتَقْبَلِ مُضَمَّنَةً مَعْنَى الشَّرْطِ، وَتَخْتَصُّ بِالدُّخُولِ عَلَى الْجُمَلِ الْفِعْلِيَّةِ، وَتَحْتَاجُ لِجَوَابٍ، وَتَقَعُ فِي الِابْتِدَاءِ عَكْسَ الْفُجَائِيَّةِ‏.‏

وَالْفِعْلُ بَعْدَهَا‏:‏ إِمَّا ظَاهِرٌ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏النَّصْر‏:‏ 1‏]‏، أَوْ مُقَدَّرٌ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ‏}‏ ‏[‏الِانْشِقَاق‏:‏ 1‏]‏‏.‏

وَجَوَابُهَا إِمَّا فِعْلٌ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ‏}‏ ‏[‏غَافِرٍ‏:‏ 78‏]‏‏.‏ أَوْ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مَقْرُونَةٌ بِالْفَاءِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ‏}‏ ‏[‏الْمُدَّثِّر‏:‏ 8،- 9‏]‏، ‏{‏فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 101‏]‏ أَوْ فِعْلِيَّةٌ طَلَبِيَّةٌ كَذَلِكَ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ‏}‏ ‏[‏النَّصْر‏:‏ 3‏]‏، أَوِ اسْمِيَّةٌ مَقْرُونَةٌ بِإِذَا الْفُجَائِيَّةِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 25‏]‏، ‏{‏فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 48‏]‏‏.‏

وَقَدْ يَكُونُ مُقَدَّرًا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ، وَسَيَأْتِي فِي أَنْوَاعِ الْحَذْفِ‏.‏

وَقَدْ تَخْرُجُ ‏(‏إِذَا‏)‏ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ، قَالَ الْأَخْفَشُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا‏}‏ ‏[‏الزُّمَر‏:‏ 71‏]‏ إِنَّ ‏(‏إِذَا‏)‏ جُرَّ بِحَتَّى‏.‏

وَقَالَ ابْنُ جِنِّي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 1‏]‏، فِيمَنْ نَصَبَ ‏(‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏)‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 3‏]‏‏:‏ إِنَّ إِذَا الْأُولَى مُبْتَدَأٌ وَالثَّانِيَةَ خَبَرٌ، وَالْمَنْصُوبَانِ حَالَانِ، وَكَذَا جُمْلَةُ لَيْسَ وَمَعْمُولَاهَا‏.‏ وَالْمَعْنَى‏:‏ وَقْتُ وُقُوعِ الْوَاقِعَةِ خَافِضَةً لِقَوْمٍ رَافِعَةً لِآخَرِينَ- هُوَ وَقْتُ رَجِّ الْأَرْضِ‏.‏

وَالْجُمْهُورُ أَنْكَرُوا خُرُوجَهَا عَنِ الظَّرْفِيَّةِ، وَقَالُوا فِي الْآيَةِ الْأُولَى‏:‏ إِنَّ ‏(‏حَتَّى‏)‏ حَرْفُ ابْتِدَاءٍ، دَاخِلٌ عَلَى الْجُمْلَةِ بِأَسْرِهَا وَلَا عَمَلَ لَهُ، وَفِي الثَّانِيَة‏:‏ إِنَّ ‏(‏إِذَا‏)‏ الثَّانِيَةَ بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى، وَالْأُولَى ظَرْفٌ وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، وَحَسَّنَهُ طُولُ الْكَلَامِ، وَتَقْدِيرُهُ بَعْدَ إِذَا الثَّانِيَة‏:‏ أَيْ‏:‏ انْقَسَمْتُمْ أَقْسَامًا، وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً‏.‏

وَقَدْ تَخْرُجُ عَنِ الِاسْتِقْبَال‏:‏

فَتُرَدُّ لِلْحَالِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى‏}‏ ‏[‏اللَّيْل‏:‏ 1‏]‏، فَإِنَّ الْغَشَيَانَ مُقَارِنٌ لِلَّيْل‏:‏ ‏{‏وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى‏}‏ ‏[‏اللَّيْل‏:‏ 2‏]‏، ‏{‏وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى‏}‏ ‏[‏النَّجْم‏:‏ 1‏]‏‏.‏

وَلِلْمَاضِي، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏الْجُمُعَة‏:‏ 11‏]‏، فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالِانْفِضَاضِ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 92‏]‏، ‏{‏حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 90‏]‏، ‏{‏حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 96‏]‏‏.‏

وَقَدْ تَخْرُجُ عَنِ الشَّرْطِيَّةِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ‏}‏ ‏[‏الشُّورَى‏:‏ 37‏]‏، ‏{‏وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ‏}‏ ‏[‏الشُّورَى‏:‏ 39‏]‏، فَإِذَا فِي الْآيَتَيْنِ ظَرْفٌ لِخَبَرِ الْمُبْتَدَإِ بَعْدَهَا، وَلَوْ كَانَتْ شَرْطِيَّةً- وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ جَوَابٌ- لَاقْتَرَنَتْ بِالْفَاءِ‏.‏

وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ‏:‏ إِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِهَا، مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا لَا تُحْذَفُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ‏.‏ وَقَوْلٌ آخَرُ‏:‏ إِنَّ الضَّمِيرَ تَوْكِيدٌ لَا مُبْتَدَأٌ، وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ الْجَوَابُ، تَعَسُّفٌ‏.‏ وَقَوْلٌ آخَرُ‏:‏ جَوَابُهَا مَحْذُوفٌ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِالْجُمْلَةِ بَعْدَهَا، تَكَلُّفٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ‏.‏

تَنْبِيهَاتٌ‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ نَاصِبَ إِذَا أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي إِذَا شَرْطُهَا، وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ مَا فِي جَوَابِهَا مِنْ فِعْلٍ أَوْ شَبَهِهِ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ قَدْ تُسْتَعْمَلُ إِذَا لِلِاسْتِمْرَارِ فِي الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ وَالْمُسْتَقْبَلَةِ، كَمَا يُسْتَعْمَلُ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ لِذَلِكَ؛ وَمِنْهُ ‏{‏وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 14‏]‏، أَيْ‏:‏ هَذَا شَأْنُهُمْ أَبَدًا، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 142‏]‏‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي‏:‏ ‏(‏إِذْ مَا‏)‏ وَلَمْ يَذْكُرْ ‏(‏إِذَا مَا‏)‏ وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي ‏[‏عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ‏]‏ فِي أَدَوَاتِ الشَّرْطِ‏.‏

فَأَمَّا ‏(‏إِذْ مَا‏)‏ فَلَمْ تَقَعْ فِي الْقُرْآنِ، وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهَا حَرْفٌ‏.‏ وَقَالَ الْمُبَرِّدُ وَغَيْرُهُ‏:‏ إِنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَأَمَّا ‏(‏إِذَا مَا‏)‏ فَوَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَا غَضِبُوا‏}‏ ‏[‏الشُّورَى‏:‏ 37‏]‏، ‏{‏إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 92‏]‏، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِكَوْنِهَا بَاقِيَةً عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ مُحَوَّلَةً إِلَى الْحَرْفِيَّةِ‏.‏ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا الْقَوْلَانِ فِي ‏(‏إِذْ مَا‏)‏‏.‏ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزَمَ بِبَقَائِهَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، لِأَنَّهَا أَبْعَدُ عَنِ التَّرْكِيبِ، بِخِلَافِ ‏(‏إِذْ مَا‏)‏‏.‏

الرَّابِعُ‏:‏ تَخْتَصُّ ‏(‏إِذَا‏)‏ بِدُخُولِهَا عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ وَالْكَثِيرِ الْوُقُوعِ، بِخِلَافِ ‏(‏إِنْ‏)‏ فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَشْكُوكِ وَالْمَوْهُومِ النَّادِرِ؛وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا‏}‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَرُوا‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 6‏]‏ فَأَتَى بِإِذَا فِي الْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ وَكَثْرَةِ أَسْبَابِهِ، وَبِإِنْ فِي الْجَنَابَةِ لِنُدْرَةِ وُقُوعِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَدَثِ‏.‏ وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 131‏]‏، ‏{‏وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 36‏]‏‏.‏

أَتَى فِي جَانِبِ الْحَسَنَةِ بِإِذَا؛ لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ كَثِيرَةٌ وَمَقْطُوعٌ بِهَا، وَبِإِنْ فِي جَانِبِ السَّيِّئَةِ لِأَنَّهَا نَادِرَةُ الْوُقُوعِ، وَمَشْكُوكٌ فِيهَا‏.‏

نَعَمْ أَشْكَلَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ آيَتَان‏:‏ الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَئِنْ مُتُّمْ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 158‏]‏ أَفَإِنْ مَاتَ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 144‏]‏، فَأَتَى بِإِنْ مَعَ أَنَّ الْمَوْتَ مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ‏.‏ وَالْأُخْرَى قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏الرُّوم‏:‏ 33‏]‏ فَأَتَى بِإِذَا فِي الطَّرَفَيْنِ‏.‏

وَأَجَابَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ الْأُولَى‏:‏ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَمَّا كَانَ مَجْهُولَ الْوَقْتِ أُجْرِيَ مَجْرَى غَيْرِ الْمَجْزُومِ‏.‏

وَأَجَابَ السَّكَّاكِيُّ عَنِ الثَّانِيَة‏:‏ بِأَنَّهُ قَصَدَ التَّوْبِيخَ وَالتَّقْرِيعَ، فَأَتَى بِإِذَا لِيَكُونَ تَخْوِيفًا لَهُمْ وَإِخْبَارًا بِأَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَمَسَّهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَاسْتُفِيدَ التَّقْلِيلُ مِنْ لَفْظِ ‏(‏الْمَسِّ‏)‏ وَتَنْكِيرِ ‏{‏ضُرٍّ‏}‏‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا أَنْعَمَنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ‏}‏ ‏[‏فُصِّلَتْ‏:‏ 51‏]‏ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي مَسَّهُ لِلْمُعْرِضِ الْمُتَكَبِّرِ، لَا لِمُطْلَقِ الْإِنْسَانِ‏.‏ وَيَكُونُ لَفْظُ إِذَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَعْرِضِ يَكُونُ ابْتِلَاؤُهُ بِالشَّرِّ مَقْطُوعًا بِهِ‏.‏

وَقَالَ الْخُوَيِّيُّ‏:‏ الَّذِي أَظُنُّهُ أَنَّ ‏(‏إِذَا‏)‏ يَجُوزُ دُخُولُهَا عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَالْمَشْكُوكِ، لِأَنَّهَا ظَرْفٌ وَشَرْطٌ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى الشَّرْطِ تَدْخُلُ عَلَى الْمَشْكُوكِ، وَبِالنَّظَرِ إِلَى الظَّرْفِ تَدْخُلُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ كَسَائِرِ الظُّرُوفِ‏.‏

الْخَامِسُ‏:‏ خَالَفَتْ ‏(‏إِذَا‏)‏ ‏(‏إِنْ‏)‏ أَيْضًا فِي‏:‏ إِفَادَةِ الْعُمُومِ، قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ‏:‏ فَإِذَا قُلْتَ‏:‏ إِذَا قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو، أَفَادَتْ‏:‏ أَنَّهُ كُلَّمَا قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو‏.‏ قَالَ‏:‏ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ‏.‏ وَفِي‏:‏ أَنَّ الْمَشْرُوطَ بِهَا إِذَا كَانَ عَدَمًا يَقَعُ الْجَزَاءُ فِي الْحَالِ، وَفِي ‏(‏إِنْ‏)‏ لَا يَقَعُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ مِنْ وُجُودِهِ‏.‏ وَفِي‏:‏ أَنَّ جَزَاءَهَا مُسْتَعْقِبٌ لِشَرْطِهَا عَلَى الِاتِّصَالِ، لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ، بِخِلَافِ ‏(‏إِنْ‏)‏‏.‏ وَفِي‏:‏ أَنَّ مَدْخُولَهَا لَا تَجْزِمُهُ، لِأَنَّهَا لَا تَتَمَخَّضُ شَرْطًا‏.‏

خَاتِمَةٌ‏:‏ قِيلَ‏:‏ قَدْ تَأْتِي إِذَا زَائِدَةً، وَخُرِّجَ عَلَيْه‏:‏ ‏{‏إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ‏}‏ ‏[‏الِانْشِقَاق‏:‏ 1‏]‏ أَيْ‏:‏ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ، كَمَا قَالَ‏:‏ ‏{‏اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ‏}‏ ‏[‏الْقَمَر‏:‏ 1‏]‏‏.‏

إِذًا‏:‏

قَالَ سِيبَوَيْه‏:‏ مَعْنَاهَا الْجَوَابُ وَالْجَزَاءُ، فَقَالَ الشَّلَوْبِينُ‏:‏ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، وَقَالَ الْفَارِسِيُّ‏:‏ فِي الْأَكْثَرِ‏.‏ وَالْأَكْثَرُ أَنْ تَكُونَ جَوَابًا لِإِنْ أَوْ لَوْ ظَاهِرَتَيْنِ أَوْ مُقَدَّرَتَيْنِ‏.‏

قَالَ الْفَرَّاءُ‏:‏ وَحَيْثُ جَاءَتْ بَعْدَهَا اللَّامُ فَقَبْلَهَا ‏(‏لَوْ‏)‏ مُقَدَّرَةٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 91‏]‏‏.‏

وَهِيَ حَرْفٌ يَنْصِبُ الْمُضَارِعَ، بِشَرْطِ تَصْدِيرِهَا وَاسْتِقْبَالِهِ، وَاتِّصَالِهَا أَوِ انْفِصَالِهَا بِالْقَسَمِ أَوْ بِلَا النَّافِيَةِ‏.‏

قَالَ النُّحَاةُ‏:‏ وَإِذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ جَازَ فِيهَا الْوَجْهَانِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 76‏]‏، ‏{‏فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 53‏]‏ وَقُرِئَ- شَاذًّا- بِالنَّصْبِ فِيهِمَا‏.‏

وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ‏:‏ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَهَا شَرْطٌ وَجَزَاءٌ وَعُطِفَتْ، فَإِنْ قَدَّرْتَ الْعَطْفَ عَلَى الْجَوَابِ جَزَمْتَ وَبَطَلَ عَمَلُ إِذًا، لِوُقُوعِهَا حَشْوًا‏.‏ أَوْ عَلَى الْجُمْلَتَيْنِ جَمِيعًا‏:‏ جَازَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ‏.‏ وَكَذَا إِذَا تَقَدَّمَهَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فِعْلٌ مَرْفُوعٌ، إِنْ عُطِفَتْ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ رُفِعَتْ، أَوِ الِاسْمِيَّةِ فَالْوَجْهَانِ‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ ‏(‏إِذًا‏)‏ نَوْعَان‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ أَنْ تَدُلَّ عَلَى إِنْشَاءِ السَّبَبِيَّةِ وَالشَّرْطِ، بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ الِارْتِبَاطُ مِنْ غَيْرِهَا، نَحْوَ‏:‏ أَزُورُكَ غَدًا، فَتَقُولُ‏:‏ إِذًا أُكْرِمَكَ‏.‏ وَهِيَ فِي هَذَا الْوَجْهِ عَامِلَةٌ تَدْخُلُ عَلَى الْجُمَلِ الْفِعْلِيَّةِ، فَتَنْصِبُ الْمُضَارِعَ الْمُسْتَقْبَلَ الْمُتَّصِلَ إِذَا صُدِّرَتْ‏.‏

وَالثَّانِي‏:‏ أَنْ تَكُونَ مُؤَكِّدَةً لِجَوَابٍ ارْتَبَطَ بِمُقَدَّمٍ، أَوْ مُنَبِّهَةً عَلَى مُسَبَّبٍ حَصَلَ فِي الْحَالِ، وَهِيَ حِينَئِذٍ غَيْرُ عَامِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَكِّدَاتِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا، وَالْعَامِلَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، نَحْوَ‏:‏ إِنْ تَأْتِنِي إِذًا آتِيكَ، وَاللَّهِ إِذًا لَأَفْعَلَنَّ‏.‏ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ سَقَطَتْ لَفُهِمَ الِارْتِبَاطُ‏.‏

وَتَدْخُلُ هَذِهِ عَلَى الِاسْمِيَّةِ، فَتَقُولُ‏:‏ إِذًا أَنَا أُكْرِمُكَ‏.‏ وَيَجُوزُ تَوَسُّطُهَا وَتَأَخُّرُهَا‏.‏ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 145‏]‏ فَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِلْجَوَابِ، مُرْتَبِطَةٌ بِمَا تَقَدَّمَ‏.‏

تَنْبِيهَان‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْعَلَّامَةَ الْكَافَيَجِيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ‏}‏ ‏[‏الْمُؤْمِنُونَ‏:‏ 34‏]‏‏:‏ لَيْسَتْ إِذًا هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْمَعْهُودَةَ، وَإِنَّمَا هِيَ ‏(‏إِذًا‏)‏ الشَّرْطِيَّةُ، حُذِفَتْ جُمْلَتُهَا الَّتِي تُضَافُ إِلَيْهَا، وَعُوِّضَ عَنْهَا بِالتَّنْوِينِ كَمَا فِي يَوْمِئِذٍ‏.‏ وَكُنْتُ أَسْتَحْسِنُ هَذَا جِدًّا، وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ لَا سَلَفَ لَهُ فِي ذَلِكَ‏.‏ ثُمَّ رَأَيْتُ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِإِذًا الْمَعْنَيَيْنِ السَّابِقَيْن‏:‏

وَذَكَرَ لَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَعْنًى ثَالِثًا، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مُرَكَّبَةً مِنْ ‏(‏إِذَا‏)‏ الَّتِي هِيَ ظَرْفُ زَمَنٍ مَاضٍ، وَمِنْ جُمْلَةٍ بَعْدَهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا، لَكِنْ حُذِفَتِ الْجُمْلَةُ تَخْفِيفًا، وَأُبْدِلَ مِنْهَا التَّنْوِينُ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ فِي حِينَئِذٍ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ النَّاصِبَةَ لِلْمُضَارِعِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ تَخْتَصُّ بِهِ، وَلِذَا عَمِلَتْ فِيهِ وَلَا يَعْمَلُ إِلَّا مَا يَخْتَصُّ، وَهَذِهِ لَا تَخْتَصُّ، بَلْ تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي، كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏(‏وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ‏)‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 67‏]‏‏(‏إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ‏)‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 100‏]‏‏(‏إِذًا لَأَذَقْنَاكَ‏)‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 75‏]‏، وَعَلَى الِاسْمِ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ‏}‏ ‏[‏الشُّعَرَاء‏:‏ 42‏]‏ قَالَ‏:‏ وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَذْكُرْهُ النُّحَاةُ، لَكِنَّهُ قِيَاسٌ مَا قَالُوهُ فِي ‏(‏إِذْ‏)‏‏.‏

وَفِي التَّذْكِرَةِ لِأَبِي حَيَّانَ‏:‏ ذَكَرَ لِي عَلَمُ الدِّينِ الْقِمَّنِيُّ‏:‏ أَنَّ الْقَاضِيَ تَقِيَّ الدِّينِ بْنَ رَزِينٍ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ ‏(‏إِذًا‏)‏ عِوَضٌ مِنَ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ نَحْوِيٍّ‏.‏

وَقَالَ الْخُوَيِّيُّ‏:‏ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ- لِمَنْ قَالَ‏:‏ أَنَا آتِيكَ‏:‏ إِذًا أُكْرِمُكَ، بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى إِذَا أَتَيْتَنِي أُكْرِمُكَ، فَحُذِفَتْ أَتَيْتَنِي، وَعُوِّضَتِ التَّنْوِينُ مِنَ الْجُمْلَةِ، فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ اتِّفَاقُ النُّحَاةِ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَنْصُوبٌ بِإِذًا؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتْ حَرْفًا نَاصِبًا لَهُ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ رَفْعُ الْفِعْلِ بَعْدَهَا إِذَا أُرِيدَ بِهَا ‏(‏إِذَا‏)‏ الزَّمَانِيَّةُ، مُعَوَّضًا مِنْ جُمْلَتِهَا التَّنْوِينُ، كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَجْزِمُ مَا بَعْدَ ‏(‏مِنْ‏)‏ إِذَا جَعَلَهَا شَرْطِيَّةً، وَيَرْفَعُهُ إِذَا أُرِيدَ بِهَا الْمَوْصُولَةُ‏.‏ انْتَهَى‏.‏

فَهَؤُلَاءِ قَدْ حَامُوا حَوْلَ مَا حَامَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالنَّحْوِ، وَمِمَّنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ فِيهِ‏.‏ نَعَمْ ذَهَبَ بَعْضُ النُّحَاةِ إِلَى أَنَّ أَصْلَ ‏(‏إِذًا‏)‏ النَّاصِبَةِ اسْمٌ، وَالتَّقْدِيرُ فِي‏:‏ إِذًا أُكْرِمُكَ‏:‏ إِذَا جِئْتَنِي أُكْرِمُكَ، فَحُذِفَتِ الْجُمْلَةُ وَعُوِّضَ مِنْهَا التَّنْوِينُ، وَأُضْمِرَتْ ‏(‏أَنْ‏)‏‏.‏

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا حَرْفٌ، مُرَكَّبَةٌ مِنْ ‏(‏إِذْ‏)‏ وَ‏(‏إِنْ‏)‏‏.‏ حَكَى الْقَوْلَيْنِ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي‏.‏

التَّنْبِيهُ الثَّانِي‏:‏ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ‏(‏إِذًا‏)‏ يُوقَفُ عَلَيْهَا بِالْأَلِفِ الْمُبْدَلَةِ مِنَ النُّونِ، وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْقُرَّاءِ، وَجَوَّزَ قَوْمٌ- مِنْهُمُ الْمُبَرِّدُ وَالْمَازِنِيُّ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ- الْوُقُوفَ عَلَيْهَا بِالنُّونِ، كَلَنْ وَإِنْ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْوُقُوفِ عَلَيْهَا كِتَابَتُهَا‏:‏ فَعَلَى الْأَوَّلِ تُكْتَبُ بِالْأَلِفِ كَمَا رُسِمَتْ فِي الْمَصَاحِفِ، وَعَلَى الثَّانِي بِالنُّونِ‏.‏

وَأَقُولُ‏:‏ الْإِجْمَاعُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى الْوَقْفِ عَلَيْهَا، وَكِتَابَتُهَا بِالْأَلِفِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا اسْمٌ مُنَوَّنٌ لَا حَرْفٌ آخِرُهُ نُونٌ، خُصُوصًا أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِيهِ نَاصِبَةً لِلْمُضَارِعِ، فَالصَّوَابُ إِثْبَاتُ هَذَا الْمَعْنَى لَهَا، كَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ وَمَنْ سَبَقَ النَّقْلُ عَنْهُ‏.‏

أُفٍّ

كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ التَّضَجُّرِ وَالتَّكَرُّهِ‏.‏

وَقَدْ حَكَى أَبُو الْبَقَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 23‏]‏ قَوْلَيْن‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ أَنَّهُ اسْمٌ لِفِعْلِ الْأَمْرِ، أَيْ‏:‏ كُفَّ وَاتْرُكْ‏.‏

وَالثَّانِي‏:‏ أَنَّهُ اسْمٌ لِفِعْلٍ مَاضٍ، أَيْ‏:‏ كَرِهْتُ وَتَضَجَّرْتُ‏.‏

وَحَكَى غَيْرُهُ ثَالِثًا‏:‏ أَنَّهُ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُضَارِعٍ، أَيْ‏:‏ أَتَضَجَّرُ مِنْكُمَا‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ‏:‏ ‏{‏أُفٍّ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 67‏]‏، فَأَحَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْإِسْرَاءِ، وَمُقْتَضَاهُ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَعْنَى‏.‏

وَقَالَ الْعُزَيْزِيُّ فِي غَرِيبِه‏:‏ هُنَا أَيْ‏:‏ بِئْسًا لَكُمْ‏.‏

وَفَسَّرَ صَاحِبُ الصِّحَاح‏:‏ أُفٍّ بِمَعْنَى قَذَرًا‏.‏

وَقَالَ فِي الِارْتِشَافِ‏:‏ أُفٍّ‏:‏ أَتَضَجَّرُ‏.‏

وَفِي الْبَسِيط‏:‏ مَعْنَاهُ التَّضَجُّرُ، وَقِيلَ‏:‏ الضَّجَرُ، وَقِيلَ‏:‏ تَضَجَّرْتُ، ثُمَّ حَكَى فِيهَا تِسْعًا وَثَلَاثِينَ لُغَةً‏.‏

قُلْتُ‏:‏ قُرِئَ مِنْهَا فِي السَّبْعِ ‏(‏أُفِّ‏)‏ بِالْكَسْرِ بِلَا تَنْوِينٍ ‏(‏وَأُفٍّ‏)‏ بِالْكَسْرِ وَالتَّنْوِينِ، وَ‏(‏أُفَّ‏)‏ بِالْفَتْحِ بِلَا تَنْوِينٍ، وَفِي الشَّاذِّ ‏(‏أُفٌّ‏)‏ بِالضَّمِّ مُنَوَّنًا وَغَيْرَ مُنَوَّنٍ، وَ‏(‏أُفْ‏)‏ بِالتَّخْفِيفِ‏.‏

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تُقَذِّرْهُمَا‏.‏

وَأَخْرَجَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ‏:‏ هُوَ الرَّدِيءُ مِنَ الْكَلَامِ‏.‏

أَلْ

عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ أَنْ تَكُونَ اسْمًا مَوْصُولًا بِمَعْنَى الَّذِي وَفُرُوعِهِ، وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ وَالْمَفْعُولِينَ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ‏}‏ ‏[‏الْأَحْزَاب‏:‏ 35‏]‏ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ‏{‏التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ‏}‏ الْآيَةَ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 112‏]‏‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ هِيَ حِينَئِذٍ حَرْفُ تَعْرِيفٍ، وَقِيلَ‏:‏ مَوْصُولٌ حَرْفِيٌّ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ أَنْ تَكُونَ حَرْفَ تَعْرِيفٍ، وَهِيَ نَوْعَان‏:‏ عَهْدِيَّةٌ وَجِنْسِيَّةٌ‏.‏

وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ‏:‏

فَالْعَهْدِيَّةُ‏:‏ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَصْحُوبُهَا مَعْهُودًا ذِكْرِيًّا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ‏}‏ ‏[‏الْمُزَّمِّل‏:‏ 15- 16‏]‏، ‏{‏فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 35‏]‏ وَضَابِطُ هَذِهِ أَنْ يَسُدَّ الضَّمِيرُ مَسَدَّهَا مَعَ مَصْحُوبِهَا‏.‏

أَوْ مَعْهُودًا ذِهْنِيًّا‏:‏ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 40‏]‏، ‏{‏إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ‏}‏ ‏[‏الْفَتْح‏:‏ 18‏]‏‏.‏

أَوْ مَعْهُودًا حُضُورِيًّا نَحْوَ‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 5‏]‏، ‏{‏الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 5‏]‏ قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ‏:‏ وَكَذَا كُلُّ وَاقِعَةٍ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ، أَوْ أَيْ فِي النِّدَاءِ، وَإِذَا الْفُجَائِيَّةِ، أَوْ فِي اسْمِ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ نَحْوَ‏:‏ الْآنَ‏.‏

وَالْجِنْسِيَّةُ‏:‏

إِمَّا لِاسْتِغْرَاقِ الْأَفْرَادِ، وَهِيَ الَّتِي تَخْلُفُهَا ‏(‏كُلُّ‏)‏ حَقِيقَةً، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 28‏]‏، ‏{‏عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 9‏]‏‏.‏ وَمِنْ دَلَائِلِهَا صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ مَدْخُولِهَا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ ‏[‏الْعَصْر‏:‏ 2- 3‏]‏ وَوَصْفُهُ بِالْجَمْعِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 31‏]‏‏.‏

وَإِمَّا لِاسْتِغْرَاقِ خَصَائِصِ الْأَفْرَاد‏:‏ وَهِيَ الَّتِي تَخْلُفُهَا ‏(‏كُلُّ‏)‏ مَجَازًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ الْكِتَابُ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 2‏]‏ أَيِ الْكِتَابُ الْكَامِلُ فِي الْهِدَايَةِ الْجَامِعُ لِصِفَاتِ جَمِيعِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَخَصَائِصِهَا‏.‏

وَإِمَّا لِتَعْرِيفِ الْمَاهِيَّةِ وَالْحَقِيقَةِ وَالْجِنْس‏:‏ وَهِيَ الَّتِي لَا تَخْلُفُهَا ‏(‏كُلُّ‏)‏ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 30‏]‏، ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 89‏]‏‏.‏

قِيلَ‏:‏ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَرَّفِ بِـ أَلْ وَبَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ النَّكِرَةِ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُقَيَّدِ وَالْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ بِقَيْدِ حُضُورِهَا فِي الذِّهْنِ، وَاسْمُ الْجِنْسِ النَّكِرَةُ يَدُلُّ عَلَى مُطْلَقِ الْحَقِيقَةِ لَا بِاعْتِبَارِ قَيْدٍ‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً، وَهِيَ نَوْعَان‏:‏

لَازِمَةٌ كَالَّتِي فِي الْمَوْصُولَات‏:‏ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَعْرِيفَهَا بِالصِّلَةِ، وَكَالَّتِي فِي الْأَعْلَامِ الْمُقَارِنَةِ لِنَقْلِهَا كَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، أَوْ لِغَلَبَتِهَا‏:‏ كَالْبَيْتِ لِلْكَعْبَةِ وَالْمَدِينَةِ لِطِيبَةَ وَالنَّجْمِ لِلثُّرَيَّا، وَهَذِهِ فِي الْأَصْلِ لِلْعَهْدِ‏.‏

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى‏}‏ ‏[‏النَّجْم‏:‏ 1‏]‏ قَالَ‏:‏ الثُّرَيَّا‏.‏

وَغَيْرُ لَازِمَةٍ‏:‏ كَالْوَاقِعَةِ فِي الْحَالِ، وَخُرِّجَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ ‏{‏لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ‏}‏ ‏[‏الْمُنَافِقُونَ‏:‏ 8‏]‏ بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ‏:‏ ذَلِيلًا؛ لِأَنَّ الْحَالَ وَاجِبَةُ التَّنْكِيرِ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ فَصِيحٍ، فَالْأَحْسَنُ تَخْرِيجُهَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ‏:‏ خُرُوجَ الْأَذَلِّ، كَمَا قَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ‏.‏

مَسْأَلَةٌ‏:‏ اخْتُلِفَ فِي ‏(‏أَلْ‏)‏ فِي اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ فَقَالَ سِيبَوَيْه‏:‏ هِيَ عِوَضٌ مِنَ الْهَمْزَةِ الْمَحْذُوفَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ ‏(‏إِلَهٌ‏)‏، دَخَلَتْ ‏(‏أَلْ‏)‏ فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إِلَى اللَّامِ ثُمَّ أُدْغِمَتْ‏.‏ قَالَ الْفَارِسِيُّ‏:‏ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَطْعُ هَمْزِهَا وَلُزُومُهَا‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ هِيَ مَزِيدَةٌ لِلتَّعْرِيفِ تَفْخِيمًا، وَتَعْظِيمًا وَأَصْلُ ‏(‏إِلَهٍ‏)‏ ‏(‏لَاهٌ‏)‏‏.‏

وَقَالَ قَوْمٌ‏:‏ هِيَ زَائِدَةٌ لَازِمَةٌ لَا لِلتَّعْرِيفِ‏.‏

وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ أَصْلُهُ هَاءُ الْكِتَابَةِ؛ زِيدَتْ فِيهِ لَامُ الْمِلْكِ، فَصَارَ ‏(‏لَه‏)‏ ثُمَّ زِيدَتْ ‏(‏أَلْ‏)‏ تَعْظِيمًا، وَفَخَّمُوهُ تَوْكِيدًا‏.‏

وَقَالَ الْخَلِيلُ وَخَلَائِقُ‏:‏ هِيَ مِنْ بِنْيَةِ الْكَلِمَةِ، وَهُوَ اسْمٌ عَلَمٌ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ وَلَا أَصْلَ‏.‏

خَاتِمَةٌ‏:‏

أَجَازَ الْكُوفِيُّونَ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ نِيَابَةَ ‏(‏أَلْ‏)‏ عَنِ الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَخَرَّجُوا عَلَى ذَلِكَ ‏{‏فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى‏}‏ ‏[‏النَّازِعَات‏:‏ 41‏]‏ وَالْمَانِعُونَ يُقَدِّرُونَ ‏(‏لَهُ‏)‏‏.‏

وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ نِيَابَتَهَا عَنِ الظَّاهِرِ أَيْضًا، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ ‏{‏وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا‏}‏، فَإِنَّ الْأَصْلَ أَسْمَاءُ الْمُسَمَّيَاتِ‏.‏

‏[‏أَلَا‏]‏

أَلَا بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ، وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ عَلَى أَوْجُهٍ‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ لِلتَّنْبِيهِ، فَتَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِ مَا بَعْدَهَا‏.‏ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ‏:‏ وَلِذَلِكَ قَلَّ وُقُوعُ الْجُمَلِ بَعْدَهَا إِلَّا مُصَدَّرَةً بِنَحْوِ مَا يُتَلَقَّى بِهِ الْقَسَمُ، وَتَدْخُلُ عَلَى الِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 13‏]‏، ‏{‏أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 8‏]‏‏.‏

قَالَ‏:‏ فِي الْمُغْنِي‏:‏ وَيَقُولُ الْمُعْرِبُونَ فِيهَا‏:‏ حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ، فَيُبَيِّنُونَ مَكَانَهَا وَيُهْمِلُونَ مَعْنَاهَا، وَإِفَادَتُهَا التَّحْقِيقَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِيبِهَا مِنَ الْهَمْزَةِ وَلَا، وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ أَفَادَتِ التَّحْقِيقَ‏:‏ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ‏}‏ ‏[‏الْقِيَامَة‏:‏ 40‏]‏‏.‏

الثَّانِي وَالثَّالِثُ‏:‏ التَّحْضِيضُ وَالْعَرْضُ، وَمَعْنَاهُمَا طَلَبُ الشَّيْءِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ طَلَبٌ بِحَثٍّ، وَالثَّانِي طَلَبٌ بِلِينٍ‏.‏ وَتَخْتَصُّ فِيهِمَا بِالْفِعْلِيَّةِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 13‏]‏، ‏{‏قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏الشُّعَرَاء‏:‏ 11‏]‏ ‏(‏أَلَا تَأْكُلُونَ‏)‏ ‏[‏الذَّارِيَات‏:‏ 27‏]‏، ‏{‏أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 22‏]‏‏.‏

‏[‏أَلَّا‏]‏

أَلَّا بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، حَرْفُ تَحْضِيضٍ مِنْ مَعَانِي أَلَّا؛ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ لِهَذَا الْمَعْنَى فِيمَا أَعْلَمُ، إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يُخَرَّجَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ‏}‏ ‏[‏النَّمْل‏:‏ 25‏]‏‏.‏ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ‏}‏ ‏[‏النَّمْل‏:‏ 1‏]‏ فَلَيْسَتْ هَذِهِ، بَلْ هِيَ كَلِمَتَان‏:‏ أَنَّ النَّاصِبَةُ وَلَا النَّافِيَةُ، أَوْ ‏(‏أَنْ‏)‏ الْمُفَسِّرَةُ وَلَا النَّاهِيَةُ‏.‏

‏[‏إِلَّا‏]‏

إِلَّا بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ عَلَى أَوْجُهٍ‏:‏

أَحَدُهَا‏:‏ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 249‏]‏، ‏{‏مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 66‏]‏‏.‏ أَوْ مُنْقَطِعًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا‏}‏ ‏[‏الْفُرْقَان‏:‏ 57‏]‏، ‏{‏وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى‏}‏ ‏[‏اللَّيْل‏:‏ 19- 20‏]‏‏:‏

الثَّانِي‏:‏ بِمَعْنَى غَيْرَ، فَيُوصَفُ بِهَا وَبِتَالِيهَا جَمْعٌ مُنَكَّرٌ أَوْ شِبْهُهُ، وَيُعْرَبُ الِاسْمُ الْوَاقِعُ بَعْدَهَا بِإِعْرَابِ غَيْرَ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 22‏]‏، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ لِلِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ آلِهَةً جَمْعٌ مُنَكَّرٌ فِي الْإِثْبَاتِ، فَلَا عُمُومَ لَهُ، فَلَا يَصُحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ‏:‏ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ لَيْسَ فِيهِمُ اللَّهُ لَفَسَدَتَا، وَهُوَ بَاطِلٌ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ فِي التَّشْرِيكِ، ذَكَرَهُ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَخَرَّجُوا عَلَيْه‏:‏ ‏{‏لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 150‏]‏، ‏{‏لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ‏}‏، ‏{‏إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ‏}‏ ‏[‏النَّمْل‏:‏ 10- 11‏]‏ أَيْ‏:‏ وَلَا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَلَا مَنْ ظَلَمَ‏.‏ وَتَأَوَّلَهُمَا الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ‏.‏

الرَّابِعُ‏:‏ بِمَعْنَى ‏(‏بَلْ‏)‏، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَخَرَّجَ عَلَيْه‏:‏ ‏{‏مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 2- 3‏]‏ أَيْ‏:‏ بَلْ تَذْكِرَةً‏.‏

الْخَامِسُ‏:‏ بِمَعْنَى ‏(‏بَدَلَ‏)‏، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّائِغِ، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ ‏{‏آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ‏}‏ أَيْ‏:‏ بَدَلَ اللَّهِ أَوْ عِوَضَهُ، وَبِهِ يُخْرَجُ عَنِ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَفِي الْوَصْفِ بِإِلَّا مِنْ جِهَةِ الْمَفْهُومِ‏.‏

وَغَلِطَ ابْنُ مَالِكٍ، فَعَدَّ مِنْ أَقْسَامِهَا نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 40‏]‏ وَلَيْسَتْ مِنْهَا، بَلْ هِيَ كَلِمَتَان‏:‏ ‏(‏إِنْ‏)‏ الشَّرْطِيَّةُ وَ‏(‏لَا‏)‏ النَّافِيَةُ‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

قَالَ الرُّمَّانِيُّ فِي تَفْسِيرِه‏:‏ مَعْنَى إِلَّا اللَّازِمُ لَهَا الِاخْتِصَاصُ بِالشَّيْءِ دُونَ غَيْرِهِ، فَإِذَا قُلْتَ‏:‏ جَاءَنِي الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا‏.‏ فَقَدِ اخْتَصَصْتَ زَيْدًا بِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ، وَإِذَا قُلْتَ‏:‏ مَا جَاءَنِي إِلَّا زَيْدٌ فَقَدِ اخْتَصَصْتَهُ بِالْمَجِيءِ، وَإِذَا قُلْتَ‏:‏ مَا جَاءَنِي زَيْدٌ إِلَّا رَاكِبًا، فَقَدِ اخْتَصَصْتَهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ وَنَحْوِهِ‏.‏

الْآنَ‏:‏ اسْمٌ لِلزَّمَنِ الْحَاضِرِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مَجَازًا‏.‏ وَقَالَ قَوْمٌ‏:‏ هِيَ مَحَلٌّ لِلزَّمَانَيْنِ، أَيْ‏:‏ ظَرْفٌ لِلْمَاضِي وَظَرْفٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَقَدْ يُتَجَوَّزُ بِهَا عَمَّا قَرُبَ مِنْ أَحَدِهِمَا‏.‏

وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ‏:‏ لِوَقْتٍ حَضَرَ جَمِيعُهُ، كَوَقْتِ فِعْلِ الْإِنْشَاءِ حَالَ النُّطْقِ بِهِ أَوْ بَعْضِهِ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَالِ‏.‏ 66‏]‏، ‏{‏فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا‏}‏ ‏[‏الْجِنّ‏:‏ 9‏]‏ قَالَ‏:‏ وَظَرْفِيَّتُهُ غَالِبَةٌ لَا لَازِمَةٌ‏.‏

وَاخْتُلِفَ فِي ‏(‏أَلْ‏)‏ الَّتِي فِيهِ، فَقِيلَ‏:‏ لِلتَّعْرِيفِ الْحُضُورِيِّ، وَقِيلَ‏:‏ زَائِدَةٌ لَازِمَةٌ‏.‏

‏[‏إِلَى‏]‏

إِلَى حَرْفُ جَرٍّ لَهُ مَعَانٍ‏:‏

أَشْهَرُهَا‏:‏ انْتِهَاءُ الْغَايَةِ زَمَانًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 187‏]‏‏.‏ أَوْ مَكَانًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 1‏]‏‏:‏

أَوْ غَيْرَهُمَا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ‏}‏ ‏[‏النَّمْل‏:‏ 33‏]‏، أَيْ‏:‏ مُنْتَهٍ إِلَيْكِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا الْأَكْثَرُونَ غَيْرَ هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

وَزَادَ ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْكُوفِيِّينَ مَعَانِيَ أُخَرَ‏:‏

مِنْهَا الْمَعِيَّةُ‏:‏ وَذَلِكَ إِذَا ضَمَمْتَ شَيْئًا إِلَى آخَرَ فِي الْحُكْمِ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ أَوِ التَّعَلُّقِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 52‏]‏، ‏{‏وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 6‏]‏، ‏{‏وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 2‏]‏‏.‏

قَالَ الرَّضِيُّ‏:‏ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا لِلِانْتِهَاءِ، أَيْ‏:‏ مُضَافَةٌ إِلَى الْمَرَافِقِ، وَإِلَى أَمْوَالِكُمْ‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ مُئَوَّلٌ عَلَى تَضْمِينِ الْعَامِلِ وَإِبْقَاءِ ‏(‏إِلَى‏)‏ عَلَى أَصْلِهَا، وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى‏:‏ مَنْ يُضِيفُ نُصْرَتَهُ إِلَى نُصْرَةِ اللَّهِ‏؟‏ أَوْ مَنْ يَنْصُرُنِي حَالَ كَوْنِي ذَاهِبًا إِلَى اللَّهِ‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ الظَّرْفِيَّةُ كَفِي، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 87‏]‏، أَيْ‏:‏ فِيهِ، ‏{‏هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى‏}‏ ‏[‏النَّازِعَات‏:‏ 18‏]‏، أَيْ‏:‏ فِي أَنْ‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ مُرَادَفَةُ اللَّامِ، وَجُعِلَ مِنْهُ‏:‏ ‏{‏وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ‏}‏ أَيْ‏:‏ لَكِ‏.‏ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنَ الِانْتِهَاءِ‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ التَّبْيِينُ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ‏:‏ وَهِيَ الْمُبَيِّنَةُ لِفَاعِلِيَّةِ مَجْرُورِهَا بَعْدَمَا يُفِيدُ حُبًّا أَوْ بُغْضًا، مِنْ فِعْلِ تَعَجُّبٍ أَوِ اسْمِ تَفْضِيلٍ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ‏}‏ ‏[‏يُوسُفَ‏:‏ 33‏]‏‏.‏

وَمِنْهَا‏:‏ التَّوْكِيدُ، وَهِيَ الزَّائِدَةُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ‏}‏ ‏[‏إِبْرَاهِيمَ‏:‏ 37‏]‏ فِي قِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ بِفَتْحِ الْوَاوِ، أَيْ‏:‏ تَهْوَاهُمْ‏.‏ قَالَهُ الْفَرَّاءُ‏.‏ وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ هُوَ عَلَى تَضْمِينِ ‏(‏تَهْوَى‏)‏ مَعْنَى ‏(‏تَمِيلُ‏)‏‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

حَكَى ابْنُ عُصْفُورٍ فِي شَرْحِ أَبْيَاتِ الْإِيضَاحِ عَنِ ابْنِ الْأَنْبَارِيّ‏:‏ أَنَّ ‏(‏إِلَى‏)‏ تُسْتَعْمَلُ اسْمًا، فَيُقَالُ‏:‏ انْصَرَفْتُ مِنْ إِلَيْكَ، كَمَا يُقَالُ‏:‏ غَدَوْتُ مِنْ عَلَيْهِ‏.‏ وَخَرَّجَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 25‏]‏ وَبِهِ يَنْدَفِعُ إِشْكَالُ أَبِي حَيَّانَ فِيه‏:‏ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمَشْهُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَتَعَدَّى إِلَى ضَمِيرٍ يَتَّصِلُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَرْفِ، وَقَدْ رُفِعَ الْمُتَّصِلُ، وَهُمَا لِمَدْلُولٍ وَاحِدٍ، فِي غَيْرِ بَابِ ظَنَّ‏.‏

‏[‏اللَّهُمَّ‏]‏

اللَّهُمَّ‏:‏ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَعْنَاهُ يَا اللَّهُ، حُذِفَتْ يَاءُ النِّدَاءِ، وَعُوِّضَ عَنْهَا الْمِيمُ الْمُشَدَّدَةُ فِي آخِرِهِ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ أَصْلُهُ يَا أَللَّهُ أُمَّنَا بِخَيْرٍ، فَرُكِّبَ تَرْكِيبَ حَيَّهَلَا‏.‏

وَقَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ‏:‏ الْمِيمُ فِيهَا تَجْمَعُ سَبْعِينَ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ‏.‏

وَقَالَ ابْنُ ظَفَرٍ‏:‏ قِيلَ‏:‏ إِنَّهَا الِاسْمُ الْأَعْظَمُ، وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ‏:‏ بِأَنَّ اللَّهَ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ، وَالْمِيمَ دَالَّةٌ عَلَى الصِّفَاتِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ‏:‏ اللَّهُمَّ‏:‏ تَجْمَعُ الدُّعَاءَ‏.‏

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ‏:‏ مَنْ قَالَ اللَّهُمَّ فَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ‏.‏

‏[‏أَمْ‏]‏

أَمْ‏:‏ حَرْفُ عَطْفٍ، وَهِيَ نَوْعَان‏:‏

مُتَّصِلَةٌ، وَهِيَ قِسْمَان‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا هَمْزَةُ التَّسْوِيَةِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 6‏]‏، ‏{‏سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا‏}‏ ‏[‏إِبْرَاهِيمَ‏:‏ 21‏]‏، ‏{‏سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ‏}‏ ‏[‏الْمُنَافِقُونَ‏:‏ 6‏]‏‏.‏

وَالثَّانِي‏:‏ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا هَمْزَةٌ يُطْلَبُ بِهَا وَبِأَمِ التَّعْيِينُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 144‏]‏‏.‏

وَسُمِّيَتْ فِي الْقِسْمَيْنِ مُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، وَتُسَمَّى أَيْضًا مُعَادِلَةً، لِمُعَادَلَتِهَا لِلْهَمْزَة‏:‏ فِي إِفَادَةِ التَّسْوِيَةِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالِاسْتِفْهَامِ فِي الثَّانِي‏.‏

وَيَفْتَرِقُ الْقِسْمَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ‏:‏

أَحَدُهَا وَثَانِيهَا‏:‏ أَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ لَا تَسْتَحِقُّ جَوَابًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَعَهَا لَيْسَ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، وَأَنَّ الْكَلَامَ مَعَهَا قَابِلٌ لِلتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ، وَلَيْسَتْ تِلْكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ مِنْهَا عَلَى حَقِيقَتِهِ‏.‏

وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ‏:‏ أَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ لَا تَقَعُ إِلَّا بَيْنَ جُمْلَتَيْنِ، وَلَا تَكُونُ الْجُمْلَتَانِ مَعَهَا إِلَّا فِي تَأْوِيلِ الْمُفْرَدَيْنِ، وَتَكُونُ الْجُمْلَتَان‏:‏ فِعْلِيَّتَيْنِ، وَاسْمِيَّتَيْنِ، وَمُخْتَلِفَتَيْنِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 193‏]‏، وَأَمِ الْأُخْرَى تَقَعُ بَيْنَ الْمُفْرَدَيْنِ، وَهُوَ الْغَالِبُ فِيهَا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ‏}‏ ‏[‏النَّازِعَات‏:‏ 27‏]‏ وَبَيْنَ جُمْلَتَيْنِ لَيْسَا فِي تَأْوِيلِهِمَا‏.‏

النَّوْعُ الثَّانِي‏:‏ مُنْقَطِعَةٌ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ‏:‏

مَسْبُوقَةٌ بِالْخَبَرِ الْمَحْضِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ‏}‏ ‏[‏السَّجْدَة‏:‏ 2- 3‏]‏‏.‏

وَمَسْبُوقَةٌ بِالْهَمْزَةِ لِغَيْرِ الِاسْتِفْهَامِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 195‏]‏، إِذِ الْهَمْزَةُ فِي ذَلِكَ لِلْإِنْكَارِ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ النَّفْيِ، وَالْمُتَّصِلَةُ لَا تَقَعُ بَعْدَهُ‏.‏

وَمَسْبُوقَةٌ بِاسْتِفْهَامٍ بِغَيْرِ الْهَمْزَةِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 16‏]‏‏.‏

وَمَعْنَى أَمِ الْمُنْقَطِعَةِ- الَّذِي لَا يُفَارِقُهَا الْإِضْرَابُ- ثُمَّ تَارَةً تَكُونُ لَهُ مُجَرَّدًا، وَتَارَةً تَضَمَّنُ مَعَ ذَلِكَ اسْتِفْهَامًا إِنْكَارِيًّا‏.‏

فَمِنَ الْأَوَّل‏:‏ ‏{‏أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ‏}‏ ‏[‏الرَّعْد‏:‏ 16‏]‏؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى اسْتِفْهَامٍ‏.‏

وَمِنَ الثَّانِي‏:‏ ‏{‏أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ‏}‏ ‏[‏الطُّور‏:‏ 39‏]‏ تَقْدِيرُهُ‏:‏ بَلْ أَلَهُ الْبَنَاتُ‏؟‏ إِذْ لَوْ قَدَّرْتَ الْإِضْرَابَ الْمَحْضَ لَزِمَ الْمُحَالُ‏.‏

تَنْبِيهَان‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ قَدْ تَرِدُ ‏(‏أَمْ‏)‏ مُحْتَمِلَةً لِلِاتِّصَالِ وَلِلِانْقِطَاعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 80‏]‏ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ‏:‏ يَجُوزُ فِي أَمْ أَنْ تَكُونَ مُعَادِلَةً، بِمَعْنَى‏:‏ أَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَائِنٌ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيرِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُنْقَطِعَةً‏.‏

الثَّانِي‏:‏ ذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ، أَنَّ ‏(‏أَمْ‏)‏ تَقَعُ زَائِدَةً، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 51- 52‏]‏ قَالَ‏:‏ التَّقْدِيرُ‏:‏ أَفَلَا يُبْصِرُونَ أَنَا خَيْرٌ‏.‏

‏[‏أَمَّا‏]‏

أَمَّا‏:‏ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ، حَرْفُ شَرْطٍ وَتَفْصِيلٍ وَتَوْكِيدٍ‏.‏

أَمَّا كَوْنُهَا حَرْفَ شَرْطٍ‏:‏ فَبِدَلِيلِ لُزُومِ الْفَاءِ بَعْدَهَا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 26‏]‏‏.‏ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 106‏]‏‏.‏ فَعَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ، أَيْ‏:‏ فَيُقَالُ لَهُمْ‏:‏ أَكَفَرْتُمْ فَحُذِفَ الْقَوْلُ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِالْمَقُولِ، فَتَبِعَتْهُ الْفَاءُ فِي الْحَذْفِ‏.‏ وَكَذَا قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ‏}‏ ‏[‏الْجَاثِيَة‏:‏ 31‏]‏‏.‏

وَأَمَّا التَّفْصِيلُ‏:‏ فَهُوَ غَالِبُ أَحْوَالِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَقَوْلِه‏:‏ ‏{‏أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 79‏]‏، ‏{‏وَأَمَّا الْغُلَامُ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 80‏]‏، ‏{‏وَأَمَّا الْجِدَارُ‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 82‏]‏‏.‏

وَقَدْ يُتْرَكُ تَكْرَارُهَا اسْتِغْنَاءً بِأَحَدِ الْقِسْمَيْنِ عَنِ الْآخَرِ، وَسَيَأْتِي فِي أَنْوَاعِ الْحَذْفِ‏.‏

وَأَمَّا التَّوْكِيدُ‏:‏ فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ‏:‏ فَائِدَةُ أَمَّا فِي الْكَلَامِ أَنْ تُعْطِيَهُ فَضْلَ تَوْكِيدٍ، تَقُولُ‏:‏ زَيْدٌ ذَاهِبٌ، فَإِذَا قَصَدْتَ تَوْكِيدَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا مَحَالَةَ ذَاهِبٌ، وَأَنَّهُ بِصَدَدِ الذَّهَابِ، وَأَنَّهُ مِنْهُ عَزِيمَةٌ، قُلْتُ‏:‏ أَمَّا زَيْدٌ فَذَاهِبٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِه‏:‏ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَزَيْدٌ ذَاهِبٌ‏.‏

وَيُفْصَلُ بَيْنَ أَمَّا وَالْفَاء‏:‏ إِمَّا بِمُبْتَدَإٍ كَالْآيَاتِ السَّابِقَةِ أَوْ خَبَرٍ، نَحْوَ‏:‏ أَمَّا فِي الدَّارِ فَزَيْدٌ‏.‏ أَوْ جُمْلَةِ شَرْطٍ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ‏}‏ ‏[‏الْوَاقِعَة‏:‏ 88- 89‏]‏ الْآيَاتِ‏.‏ أَوِ اسْمٍ مَنْصُوبٍ بِالْجَوَابِ نَحْوَ‏:‏ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ‏[‏الضُّحَى‏:‏ 9‏]‏‏.‏ أَوِ اسْمِ مَعْمُولٍ لِمَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ‏}‏ ‏[‏فُصِّلَتْ‏:‏ 17‏]‏ فِي قِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ بِالنَّصْبِ‏.‏

تَنْبِيهٌ‏:‏

لَيْسَ مِنْ أَقْسَامِ ‏(‏أَمَّا‏)‏ الَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏}‏ ‏[‏النَّمْل‏:‏ 84‏]‏، بَلْ هِيَ كَلِمَتَان‏:‏ أَمِ الْمُنْقَطِعَةُ، وَمَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ‏.‏

‏[‏إِمَّا‏]‏

إِمَّا‏:‏ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، تَرِدُ لِمَعَانٍ‏:‏

الْإِبْهَامُ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 106‏]‏‏.‏

وَالتَّخْيِيرُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا‏}‏ ‏[‏الْكَهْف‏:‏ 86‏]‏‏.‏ ‏{‏إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 65‏]‏، ‏{‏فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً‏}‏ ‏[‏مُحَمَّدٍ‏:‏ 4‏]‏‏.‏

وَالتَّفْصِيلُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا‏}‏ ‏[‏الْإِنْسَان‏:‏ 3‏]‏‏.‏

تَنْبِيهَاتٌ‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ لَا خِلَافَ أَنَّ ‏(‏إِمَّا‏)‏ الْأُولَى فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ وَنَحْوِهَا غَيْرُ عَاطِفَةٍ، وَاخْتُلِفَ فِي الثَّانِيَةِ، فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهَا عَاطِفَةٌ، وَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ مَالِكٍ لِمُلَازَمَتِهَا غَالِبًا الْوَاوَ الْعَاطِفَةَ‏.‏ وَادَّعَى ابْنُ عُصْفُورٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ‏:‏ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهَا فِي بَابِ الْعَطْفِ لِمُصَاحَبَتِهَا لِحَرْفِهِ‏.‏ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا عَطَفَتِ الِاسْمَ عَلَى الِاسْمِ، وَالْوَاوُ عَطَفَتْ إِمَّا عَلَى إِمَّا، وَهُوَ غَرِيبٌ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ سَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ لِـ ‏(‏أَوْ‏)‏ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ‏(‏إِمَّا‏)‏ أَنَّ ‏(‏إِمَّا‏)‏ يُبْنَى الْكَلَامُ مَعَهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى مَا جِيءَ بِهَا لِأَجْلِهِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ تَكْرَارُهَا وَ‏(‏أَوْ‏)‏ يُفْتَتَحُ الْكَلَامُ مَعَهَا عَلَى الْجَزْمِ، ثُمَّ يَطْرَأُ الْإِبْهَامُ أَوْ غَيْرُهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ لَيْسَ مِنْ أَقْسَامِ ‏(‏إِمَّا‏)‏ الَّتِي فِي قَوْلِه‏:‏ ‏{‏فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا‏}‏ ‏[‏مَرْيَمَ‏:‏ 26‏]‏ بَلْ هِيَ كَلِمَتَان‏:‏ ‏(‏إِنَّ‏)‏ الشَّرْطِيَّةُ وَمَا الزَّائِدَةُ‏.‏

‏[‏إِنْ‏]‏

إِنْ‏:‏ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ، عَلَى أَوْجُهٍ‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 38‏]‏، ‏{‏وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْفَال‏:‏ 38‏]‏، وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى ‏(‏لَمْ‏)‏ فَالْجَزْمُ بِلَمْ لَا بِهَا‏.‏ نَحْوَ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 24‏]‏، أَوْ عَلَى لَا، فَالْجَزْمُ بِهَا لَا بِلَا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 47‏]‏، ‏{‏إِلَّا تَنْصُرُوهُ‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 40‏]‏‏.‏ وَالْفَرْقُ أَنَّ ‏(‏لَمْ‏)‏ عَامِلٌ يَلْزَمُ مَعْمُولَهُ وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ، وَ‏(‏إِنْ‏)‏ يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَعْمُولِهَا بِمَعْمُولِهِ، وَ‏(‏لَا‏)‏ لَا تَعْمَلُ الْجَزْمَ إِذَا كَانَتْ نَافِيَةً، فَأُضِيفَ الْعَمَلُ إِلَى إِنْ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً، وَتَدْخُلُ عَلَى الِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ‏}‏ ‏[‏الْمُلْك‏:‏ 20‏]‏، ‏{‏إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ‏}‏ ‏[‏الْمُجَادَلَة‏:‏ 2‏]‏، ‏{‏إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى‏}‏ ‏[‏التَّوْبَة‏:‏ 107‏]‏، ‏{‏إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 117‏]‏‏.‏

قِيلَ‏:‏ وَلَا تَقَعُ إِلَّا وَبَعْدَهَا ‏(‏إِلَّا‏)‏ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ لَمَّا الْمُشَدَّدَةُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ‏}‏ ‏[‏الطَّارِق‏:‏ 4‏]‏، فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ، وَرُدَّ بِقَوْلِه‏:‏ ‏{‏إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا‏}‏ ‏[‏يُونُسَ‏:‏ 68‏]‏، ‏{‏وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 111‏]‏‏.‏

وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى النَّافِيَةِ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ‏}‏ ‏[‏الْأَنْبِيَاء‏:‏ 17‏]‏‏.‏ ‏{‏قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 81‏]‏، وَعَلَى هَذَا فَالْوَقْفُ هُنَا‏.‏ ‏{‏وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ‏}‏ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 26‏]‏، أَيْ‏:‏ فِي الَّذِي مَا مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ هِيَ زَائِدَةٌ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏الْأَنْعَام‏:‏ 6‏]‏، وَعَدَلَ عَنْ ‏(‏مَا‏)‏ لِئَلَّا تَتَكَرَّرَ فَيَثْقُلَ اللَّفْظُ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَكَوْنُهَا لِلنَّفْيِ هُوَ الْوَارِدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الْغَرِيبِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ‏.‏

وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الشَّرْطِيَّةُ وَالنَّافِيَةُ فِي قَوْلِه‏:‏ ‏{‏وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ‏}‏ ‏[‏فَاطِرٍ‏:‏ 41‏]‏‏.‏

وَإِذَا دَخَلَتِ النَّافِيَةُ عَلَى الِاسْمِيَّةِ لَمْ تَعْمَلْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ وَالْمُبَرِّدُ إِعْمَالَهَا عَمَلَ لَيْسَ، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏:‏ ‏(‏إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادًا أَمْثَالَكُمْ‏)‏‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏إِنْ‏)‏ فَهُوَ إِنْكَارٌ‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ، فَتَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَتَيْن‏:‏

ثُمَّ الْأَكْثَرُ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الِاسْمِيَّةِ إِهْمَالُهَا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏ ‏[‏الزُّخْرُف‏:‏ 35‏]‏‏.‏ ‏{‏وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 32‏]‏‏.‏ ‏{‏إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 63‏]‏، فِي قِرَاءَةِ حَفْصٍ وَابْنِ كَثِيرٍ‏.‏

وَقَدْ تَعْمَلُ، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ‏}‏ ‏[‏هُودٍ‏:‏ 111‏]‏ فِي قِرَاءَةِ الْحَرَمِيَّيْنِ‏.‏

وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ، فَالْأَكْثَرُ كَوْنُهُ مَاضِيًا نَاسِخًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 143‏]‏، ‏{‏وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ‏}‏ ‏[‏الْإِسْرَاء‏:‏ 73‏]‏، ‏{‏وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ‏}‏ ‏[‏الْأَعْرَاف‏:‏ 102‏]‏‏.‏ وَدُونَهُ أَنْ يَكُونَ مُضَارِعًا نَاسِخًا، نَحْوَ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ‏}‏ ‏[‏الْقَلَم‏:‏ 51‏]‏، ‏{‏وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ‏}‏ ‏[‏الشُّعَرَاء‏:‏ 186‏]‏‏.‏

وَحَيْثُ وَجَدْتَ ‏(‏إِنْ‏)‏ وَبَعْدَهَا ‏(‏اللَّامُ الْمَفْتُوحَةُ‏)‏ فَهِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ‏.‏

الرَّابِعُ‏:‏ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً، وَخُرِّجَ عَلَيْه‏:‏ ‏{‏فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ‏}‏ ‏[‏الْأَحْقَاف‏:‏ 26‏]‏‏.‏

الْخَامِسُ‏:‏ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ كَإِذْ، قَالَهُ الْكُوفِيُّونَ‏.‏ وَخَرَّجُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الْمَائِدَة‏:‏ 57‏]‏‏.‏ ‏{‏لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الْفَتْح‏:‏ 27‏]‏‏.‏

‏{‏وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏آلِ عِمْرَانَ‏:‏ 139‏]‏‏.‏ وَنَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا الْفِعْلُ فِيهِ مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ‏.‏

وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ آيَةِ الْمَشِيئَة‏:‏ بِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ لِلْعِبَادِ كَيْفَ يَتَكَلَّمُونَ إِذَا أَخْبَرُوا عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ بِأَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الشَّرْطُ، ثُمَّ صَارَ يُذْكَرُ لِلتَّبَرُّكِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى‏:‏ لَتَدْخُلُنَّ جَمِيعًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَلَّا يَمُوتَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَبْلَ الدُّخُولِ‏.‏ وَعَنْ سَائِرِ الْآيَاتِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ جِيءَ بِهِ لِلتَّهْيِيجِ وَالْإِلْهَابِ، كَمَا تَقُولُ لِابْنِكَ‏:‏ إِنْ كُنْتَ ابْنِي فَأَطِعْنِي‏.‏

السَّادِسُ‏:‏ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى قَدْ، ذَكَرَهُ قُطْرُبٌ، وَخَرَّجَ عَلَيْه‏:‏ ‏{‏فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى‏}‏ ‏[‏الْأَعْلَى‏:‏ 9‏]‏‏.‏ أَيْ قَدْ نَفَعَتْ، وَلَا يَصِحُّ مَعْنَى الشَّرْطِ فِيهِ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّذْكِيرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ هِيَ لِلشَّرْطِ، وَمَعْنَاهُ‏:‏ ذَمُّهُمْ وَاسْتِبْعَادٌ لِنَفْعِ التَّذْكِيرِ فِيهِمْ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ التَّقْدِيرُ‏:‏ وَإِنْ لَمْ تَنْفَعْ، عَلَى حَدِّ قَوْلِه‏:‏ ‏{‏سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 81‏]‏‏.‏

فَائِدَةٌ‏:‏

قَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ ‏(‏إِنْ‏)‏ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ‏:‏

‏{‏وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا‏}‏ ‏[‏النُّور‏:‏ 33‏]‏‏.‏ ‏{‏وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ‏}‏ ‏[‏النَّحْل‏:‏ 114‏]‏‏.‏ ‏{‏وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 283‏]‏‏.‏ ‏{‏إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ‏}‏ ‏[‏الطَّلَاق‏:‏ 4‏]‏‏.‏ ‏{‏أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ‏}‏ ‏[‏النِّسَاء‏:‏ 101‏]‏‏.‏ ‏{‏وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا‏}‏ ‏[‏الْبَقَرَة‏:‏ 228‏]‏‏.‏